للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن سفره ذهاباً وإياباً يرفضه العقل والعلم حيث كان في يوم وليلة فوق ظهر نسر وأن حجه هذا مخالف للشرع الشريف، وفعله هذا معاكس لما جاء في الكتاب والسنة وما اجمع العلماء عليه وهذا شيء واضح لا يحتاج إلى الاحتجاج عليه بدليل من الأدلة الشرعية الدالة على أن الحج لا تنتهي أعماله في ليلة يوم النحر لأن ذلك معلوم من الدين ضرورة كما يقول العلماء (وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل).

وأما ما يعمله الناس نتيجة لاعتقادهم بهذا المقبور كالحلف باسمه دون الحلف بالله والنذر له والذبح عند القبر وغير هذه من الأعمال التي تصدر من هؤلاء الناس المعتقدين في هذا الميت من النساء والرجال فهو حرام حرام حرام لأن الحلف لا يكون إلا بالله تعالى والنذر لا يكون إلا في طاعة الله.

الذبح عند القبر هو العقر وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله (لَا عَقْرَ فِي الْإِسْلَامِ) (١).

س: هل صحيح أن اللحم لم يتغير شمه أو طعمه إلا بعد أن صلى بنو إسرائيل على نبي الله عيسى عليه السلام، وأن النساء ورثن من أمهن حواء ما يصدر من بعضهن من التمرد على أزواجهن وعمل مالا يريدون منهن عمله، وأنه لولا حوى لما حصل منهن أيُّ شيء من ذلك لأزواجهن؟

جـ: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة مرفوعاً إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزْ اللَّحْمُ، وَلَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ) (٢) ومعنى قوله يخبث الطعام أي لم يتغير ريحه، ومعنى قوله (لَمْ يَخْنَزْ اللَّحْمُ) أي لم يتغير ولم ينتن، وقال المناوي: يعني لولا أنهم أي بنو إسرائيل سنوا ادخار اللحم حتى خنز فصار كلما أدخر لحماً ثم خنز قال: فهموا بأنه إشارة إلى أن خنز اللحم شيء عوقب به بنو إسرائيل بكفرانهم نعمة ربهم حيث ادخروا السلوى منتنة وقد نهاهم عيسى عليه السلام عن الإدخار ولم يكن ينتن قبل ذلك، وفي بعض الكتب الإلهية لولا أني كتبت الفساد على الطعام لخزنه الأغنياء عن الفقراء، كما قال أيضاً في معنى ولولا حوى لم تخن أنثى زوجها معللاً الخيانة من النساء لأنها أي حواء أم النساء فأشبهنها ولولا أنها سنت هذه السنة لما سلكتها أنثى مع زوجها فإن البادئ بالشيء كالسابق الحامل لغيره على الإتيان به فلما خانت سرت في بناتها الخيانة فقلَّما تسلم امرأة من خيانة زوجها بفعل أو قول وليس المراد بالخيانة (الزنا) حاشا وكلا لكن لما مالت حواء إلى شهوة النفس من أكل الشجرة وزينت ذلك لآدم مطاوعة لعدوه إبليس عُدَّ ذلك خيانة، وأما من بعدها من النساء فخيانة كل واحدة منهن بحسبها وأضاف المناوي إلى كلامه هذا قوله وفيه إشارة إلى تسلية الرجال فيما يقع لهم من النساء لما يقع لهم من المشاكل وأن ذلك من طبعهن والعرق دساس فلا يفرط في لوم من فرط منهن في شيء من غير قصه، وأخيراً قال المناوي: وينبغي لهن أن لا يتمسكن بهذا في الاسترسال على هذا النوع بل يضبطن أنفسن ويجاهدنها، هكذا قاله المناوي في معنى هذا الحديث شارحاً له في المجلد الخامس من


(١) - سنن أبي داود: كتاب الجنائز: حديث رقم (٢٨٠٥) بلفظ (عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا عَقْرَ فِي الْإِسْلَامِ، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ كَانُوا يَعْقِرُونَ عِنْدَ الْقَبْرِ بَقَرَةً أَوْ شَاةً). صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (٧٥٣٥).
أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين.
العقر: هنا بمعنى الذبح.
(٢) - صحيح البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء: باب خلق آدم وذريته. حديث رقم (٣٠٨٣) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزْ اللَّحْمُ، وَلَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ)
أخرجه مسلم في الرضاع، وأحمد في باقي مسند المكثرين.
أطراف الحديث: أحاديث الأنبياء.
معاني الألفاظ: يخنز: ينتن ويتغير

<<  <  ج: ص:  >  >>