للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعِقَابِ} (١)، أما إذا كان فيه احتمالات أو ضعف أو نسخ فالإجماع أولى.

س: هل المذاهب الإسلامية منحصرة في المذاهب الأربعة؟

جـ: إعلم بأن المذاهب الإسلامية كثيرة وقد انقرض أكثرها ولم يبق منها غير القليل، وليست الباقية منحصرة في الأربعة المذاهب بل هي سبعة مذاهب كلها باقية إلى يومنا هذا، فمنها المذهب الحنبلي الذي يتمذهب به أهل نجد والمنسوب إلى الإمام (أحمد بن حنبل) -رضي الله عنه- وكان من تلاميذ الإمام الشافعي، ومنها المذهب الشافعي الذي يتمذهب به الكثير من المسلمين في عباداتهم وهو منسوب إلى الإمام (محمد بن إدريس الشافعي) وكان من تلاميذ الإمام (مالك بن أنس الأصبحي) -رضي الله عنه- ومن تلاميذ (محمد بن الحسن الشيباني) تلميذ الإمام (أبي حنيفة) رضي الله عنهما، ومنها المذهب المالكي الذي يتمذهب به المسلمون في تونس والجزائر والمغرب الأقصى وموريتانيا وهو منسوب إلى (الإمام مالك) -رضي الله عنه-، ومنها المذهب الحنفي المشهور في تركيا وغيرها من أقطار العالم الإسلامي والمنسوب إلى (الإمام أبي حنيفة) -رضي الله عنه- ويعد من تلاميذ (الإمام زيد بن علي) -رضي الله عنه- ومنه المذهب الزيدي الذي يتمذهب به أهل المناطق الجبلية الشمالية والوسطى في اليمن وينسب إلى الإمام (زيد بن علي) -رضي الله عنه- ومنها المذهب الإمامي الجعفري الذي يتمذهب به بعض العراقيين والجمع الغفير من الإيرانيين وهو منسوب إلى الإمام (جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين -رضي الله عنه- وهو ابن أخ الإمام زيد بن علي) رحمه الله، ومنها (المذهب الإباضي) الموجود حالياً في عمان وبعض نواحي ليبيا والجزائر وكان أئمة هذه المذاهب على وفاق ووئام ومحبة واحترام متبادل كما لا يخفى على من طالع سيرهم وعرف أحوالهم بالرغم من مخالفتهم بعضهم بعضاً في الاجتهاد، لأن كل إمام كان يذهب إلى ما ترجح لديه بحسب أصوله وبمقتضى فهمه في حين أنه كان في نفس الوقت يحترم معارضيه، وكل من رسول الله ملتمس غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم، ومع الأسف أنه حصل سوء تفاهم بين أتباع هذه المذاهب في عصور الانحطاط حتى صاروا كأنهم أعداء، وحتى صار البعض من أهل السنة الحنفية والشافعية والحنبلية والمالكية يسيئون الظن بالشيعة والزيدية الهادوية، وهكذا العكس صار البعض من الزيدية والجعفرية يسيئون الظن بأهل السنة كالأحناف والشوافع والحنابلة والمالكيين بل صار البعض من أهل السنة كالحنفية يسيء ظنه بالحنبلية والعكس في حين أن الطرفين من أهل السنة، وهكذا صار المسلمون يتناسون جميعاً بأنهم أمة واحدة حتى تمكن العدو الكافر من محاربتهم ومن الكيد لهم وبهم، ومن الاستعمار لبلادهم، والتاريخ الإسلامي يحكي لنا أن التتار لم يتمكنوا من فتح بغداد والقضاء على الدولة العباسية وإباحة عاصمة الخلافة في حادثة التتار المشهورة التي قتل ضحيتها أكثر من مليون مسلم في بغداد التي قتل التتار فيها آخر خليفة عباسي أشنع قتلة إلا بسبب العداوة التي كانت بين أهل السنة الذين كان يتزعمهم (الخليفة وولده)، والشيعة الذين كان يتزعمهم الوزير (ابن العلقمي) وكم حكى المؤرخون من حوادث جرت نتيجة للتعصبات المذهبية والطائفية وذهب ضحيتها عدد من الناس فإنا لله وإنا إليه راجعون، أما في هذا العصر فقد بذل كثير من زعماء الإصلاح من العلماء المسلمين جهوداً مشكورة من أجل تقارب المسلمين وتوحيد صفوفهم وتضامنهم وتكاتفهم لأن قوة المسلمين كامنة في وحدتهم وتمسكهم بعقيدتهم الإسلامية الموحدة، وكان هدف هؤلاء العلماء يتلخص في أنه يتوجب على المسلمين أن (يتفقوا فيما يتفقون فيه ويتسامحوا ويعذر بعضهم بعضاً فيما اختلفوا فيه) عملاً بقوله تعالى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا


(١) - الحشر: آية (٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>