للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشمس إلى حوش الجار أو عروقها تصل إلى أساس بيت الجار وتضر بالأساس أو أغصانها تؤذي المارة في الطريق فيجب على صاحب الشجرة رفع الضرر منها، فكل من يضر جاره بشجرة فيجب على صاحب الشجرة رفع الضرر وإن رفض صاحب الشجرة رفع الضرر فيحق لمن عليه الضرر أن يرفع الضرر من حوشه أو طريقه أو يقطع ما سيضر بأساسات بيته من عروق الشجرة أو سيسد عليه غرفة تفتيش حمّامِه فكل ضرر مرفوع، وإذا كانت أغصان شجرة الجار تغطي على حوش بيت الرجل وتمنع وصول الشمس إلى الحوش فله أن يطالب مالك الشجرة برفع الضرر فإن رفض فلصاحب الحوش المتضرر بعدم وصول الشمس إلى حوشه أن يقطع أغصان الشجرة التي تظل حوشه وتمنع وصول أشعة الشمس إليه لحديث (أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) (١).

س: هل يجوز للجار أن يغرز خشبة في جدار جاره إذا احتاج لذلك؟

جـ: عند الظاهرية يجوز له ولا يجوز لصاحب البيت أن يمنع جاره من غرز خشبته لحديث (لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ) (٢)، وعند علماء اليمن وهو المعمول به في المحاكم الشرعية الآن أنه لا يحق للجار أن يخرق بيت جاره ليغرز خشبته عملاً بحديث (أَلَا وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْءٌ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) (٣) وصاحب البيت نفسه غير طيبة بغرز خشبة في جداره، قال علماء الظاهرية: إن هذا الحديث مخصص بحديث (لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ) ما لم يحصل لصاحب البيت ضرر فإنه لا ضرر ولا ضرار فكل ضرر يرفع، ويحمل حديث (لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ) على الندب لا على الوجوب، لأن الأصل حرمة مال المسلم على أيِّ مسلم آخر لحديث (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ) (٤) ولحديث (أَلَا وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْءٌ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ).


(١) سنن ابن ماجة: كتاب الأحكام: باب من بنى في حقه ما يضر. حديث رقم (٢٣٦٩) بلفظ (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى: أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة برقم (١٩٠٩).
أخرجه أحمد في باقي مسند الأنصار.
(٢) - صحيح البخاري: كتاب المظالم والغصب: باب لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره. حديث رقم (٢٢٨٣) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ).
أخرجه مسلم في المساقاة، والترمذي في الأحكام، وأبو داود في الأقضية، وابن ماجة في الأحكام، وأحمد في باقي مسند المكثرين، ومالك في الأقضية.
أطراف الحديث: الأشربة.
معاني الألفاظ: يغرز: يضع ويركز ويسند.
(٣) - مسند أحمد: كتاب مسند البصريين: حديث عم أبي حرة الرقاشي. حديث رقم (١٩٧٧٤) بلفظ (عَنْ عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيٍّ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَلَا وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْءٌ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ غَنَمَ ابْنِ عَمِّي أَجْتَزِرُ مِنْهَا شَاةً فَقَالَ إِنْ لَقِيتَهَا نَعْجَةً تَحْمِلُ شَفْرَةً وَأَزْنَادًا بِخَبْتِ الْجَمِيشِ فَلَا تَهِجْهَا قَالَ يَعْنِي خَبْتَ الْجَمِيشِ أَرْضًا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْجَارِ لَيْسَ بِهَا أَنِيسٌ) صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (٧٦٦٢).
أخرجه أبو داود في النكاح، والدارمي في البيوع.
(٤) - صحيح البخاري: كتاب الحجـ: باب الخطبة في منى. حديث رقم (١٧٣٩) بلفظ (عَنْ أَبِي بَكْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ خَطَبَنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قُلْنَا بَلَى، قَالَ: أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ ذُو الْحَجَّةِ؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ؟ قُلْنَا بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ).
أخرجه مسلم في القسامة والمحاربين، وابن ماجة في المقدمة، وأحمد في أول مسند البصريين، والدارمي في المناسك.
أطراف الحديث: العلم، بدء الخلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>