للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

س: قيل أن بعض أنواع الخمر فيها علاج لبعض الأمراض، فهل هذا القول صحيح وهل يجوز شربها للضرورة؟

جـ: الجواب والله الموفق للصواب، أنه قد أجاب سيد الأولين والآخرين وحبيب رب العالمين الرسول الأعظم والشفيع المكرم (محمد بن عبدالله) صلى الله عليه وآله وسلم منذ أربعة عشر قرناً حيث سأله رجل عن الخمر فنهاه عنها فقال الرجل إنما أصنعها للدواء فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ) أخرجه مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي، وهكذا حديث (إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً، فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ) (١)، هكذا قال صلى الله عليه وآله وسلم (إنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ) وفي حديث (وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ) وهكذا نقول لكل من يدعي أن في الخمرة دواء بل نقول له أن فيه عدة أضرار، هي:

أولاً: أنها تضر الكبد والمعدة ضرراً بالغاً حتى لقد قيل أن معهد الإحصاء القومي في فرنسا قرر أن الخمور بدأت تقتل من الفرنسيين أكثر مما يقتل مرض السل، ولا حياة لمن كان مضروراً في كبده أو معدته.

ثانياً: إن الخمر يضر روح الإنسان حيث تصده عن ذكر الله وعن الصلاة وعن كل شعيرة من شعائر الدين كما قال الله تعالى {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (٢) ولا خير في إنسان يعيش بلا روح دينية ولا جسم صحيح.

ثالثاً: إن الخمر تزيل عقل الإنسان ولا أدري أيُّ إنسان هذا الذي سيعيش بلا جسم صحيح ولا روح دينية ولا عقل سليم قال ابن الوردي:

واهجر الخمرة إن كنت فتى … كيف تسعى في جنون من عقل

رابعاً: أن الخمر تفسد صِلات المحبة بين مدمن الخمر وبين الناس وتوقع العداوة والبغضاء بين المسلمين قال الله تعالى {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}.

خامساً: إن شارب الخمر ينغمس في الشهوات إلى أبعد مدى وتطوع له نفسه انتهاك الأعراض وقتل النفوس، وكم حدثت حوادث قتلت فيها نفوس وانتهكت فيها أعراض نتيجة لشرب الخمر.

سادساً: أنها تضيِّع الأموال وتبذرها وكم نهى الإسلام عن إضاعة المال، كما في حديث (وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ) (٣) وعن الإسراف والتبذير، وقد نهى الإسلام عن إضاعة الأموال والإسراف في إنفاقها والتبذير بها في المباح فكيف إذا كان في الحرام قال تعالى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ … لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (٤) وقال تعالى {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} (٥) الإسراف والتبذير محرمان إذا أسرف


(١) سنن أبي داود: كتاب الطب: باب الأدوية المكروهة. حديث رقم (٣٣٧٦) بلفظ (عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً، فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ) ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود برقم (٣٨٧٤).
(٢) المائدة: آية (٩١)
(٣) - صحيح البخاري: كتاب الأدب: باب عقوق الوادين من الكبائر. حديث رقم (٥٥١٨) بلفظ (عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ وَمَنْعًا وَهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ)
أخرجه مسلم في المساجدومواضع الصلاة، والنسائي في السهو، وأبوداود في الصلاة، وأحمد في أول مسند الكوفيين، والدارمي في الرقاق.
(٤) - الأعراف: (٣١).
(٥) - الإسراء: (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>