للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرعاً إخراجه من رأس التركة التي خلفها الميت وتسليمه فوراً إلى أصحابه بعد معرفة المبالغ وكميتها ومعرفة أصحابها لبراءة الذمة سواء رضي الورثة أو كرهوا وسواء أجازوا أم لم يجيزوا مهما قد ثبت الدين عند المتوفى بالوصية أو بالإقرار أو بالشهادة، أما الوصية بالحج والكفارات فتخرج من الثلث سواء أجاز الورثة إخراجها أم لم يجيزوا مهما صح أن المتوفى أوصى بذلك لأن الموصي له أن يوصي بما يريد أن يوصي به في حدود الثلث، وليس للورثة أن يعارضوا هذه الوصية التي لا تتجاوز الثلث، ما دام وهي في حجة وكفارات وليست لوارث ولا لمن يدلي بوارث ولا فيها حيلة على الورثة.

س: توفي رجل وخلف ولدين وبنتين وأوصى بثلث المخلف لولده الصغير وفي نفس الوقت فإن في ذمة المتوفى ديون كثيرة وقد تستغرق كل التركة فكيف تقسم التركة؟ وما هو الحكم في هذه القضية؟

جـ: تخرج الديون التي على الميت لقوله تعالى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}، وبعد إخراج الدين تقسم التركة حسب الفروض للذكر مثل حظ الأنثيين لقوله تعالى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، أما الوصية للصغير فهي غير نافذة حيث وأنه من جملة الورثة وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح المرفوع (إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) أما إذا كان الدين أكثر من المخلف فالدين مقدم على الورثة حيث ويعطى من التركة مقدار الديون حتى ولو لم يبق منها شيئاً، فالدين قبل الإرث حيث دلت الأدلة الصحيحة الصريحة على ذلك، منها حديث (أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ وَالِدِي قَدْ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ دَيْنًا كَثِيرًا وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَرَاكَ الْغُرَمَاءُ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَبَيْدِرْ كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَةٍ، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ دَعَوْتُهُ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ كَأَنَّهُمْ أُغْرُوا بِي تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ أَطَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي أَصْحَابَكَ، فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى اللَّهُ عَنْ وَالِدِي أَمَانَتَهُ، وَأَنَا أَرْضَى أَنْ يُؤَدِّيَ اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِي وَلَا أَرْجِعَ إِلَى أَخَوَاتِي بِتَمْرَةٍ، فَسَلَّمَ اللَّهُ الْبَيَادِرَ كُلَّهَا، وَحَتَّى إِنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْبَيْدَرِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهَا لَمْ تَنْقُصْ تَمْرَةً وَاحِدَةً) (١) وحديث (إِنَّ أَخَاكَ مُحْتَبَسٌ بِدَيْنِهِ فَاقْضِ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَدَّيْتُ عَنْهُ إِلَّا دِينَارَيْنِ ادَّعَتْهُمَا امْرَأَةٌ وَلَيْسَ لَهَا بَيِّنَةٌ، قَالَ: فَأَعْطِهَا فَإِنَّهَا مُحِقَّةٌ) (٢)


(١) - صحيح البخاري: كتاب الوصايا: باب قضاء الوصي ديون الميت بغير محضر من الورثة. حديث رقم: (٢٦٢٩) بلفظ (حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ أَبَاهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا وَتَرَكَ سِتَّ بَنَاتٍ، فَلَمَّا حَضَرَ جِزَازُ النَّخْلِ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ وَالِدِي قَدْ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ دَيْنًا كَثِيرًا وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَرَاكَ الْغُرَمَاءُ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَبَيْدِرْ كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَةٍ، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ دَعَوْتُهُ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ كَأَنَّهُمْ أُغْرُوا بِي تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ أَطَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي أَصْحَابَكَ، فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى اللَّهُ عَنْ وَالِدِي أَمَانَتَهُ، وَأَنَا أَرْضَى أَنْ يُؤَدِّيَ اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِي وَلَا أَرْجِعَ إِلَى أَخَوَاتِي بِتَمْرَةٍ، فَسَلَّمَ اللَّهُ الْبَيَادِرَ كُلَّهَا، وَحَتَّى إِنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْبَيْدَرِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهَا لَمْ تَنْقُصْ تَمْرَةً وَاحِدَةً).
أخرجه النسائي في الوصايا، البيوع، وأبو داود في الوصايا، وابن ماجة في الأحكام، وأحمد في باقي مسند المكثرين.
أطراف الحديث: البيوع، في الاستقرض وأداء الديون، الهبة وفضلها والتحريض عليها، الصلح، المناقب، المغازي.
(٢) - سنن ابن ماجه: كتاب الأحكام: باب أداء الدين عن الميت. حديث رقم (٢٤٢٤) بلفظ (عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ الْأَطْوَلِ أَنَّ أَخَاهُ مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ عِيَالًا فَأَرَدْتُ أَنْ أُنْفِقَهَا عَلَى عِيَالِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَخَاكَ مُحْتَبَسٌ بِدَيْنِهِ فَاقْضِ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَدَّيْتُ عَنْهُ إِلَّا دِينَارَيْنِ ادَّعَتْهُمَا امْرَأَةٌ وَلَيْسَ لَهَا بَيِّنَةٌ، قَالَ: فَأَعْطِهَا فَإِنَّهَا مُحِقَّةٌ) صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة. حديث رقم (١٩٨٨).
أخرجه أحمد في أول مسند البصريين.
معاني الألفاظ: البينة: دليل يثبت صد الدعوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>