الكبير) وقد اختلف الزيدية الذين جاؤا بعده في الفروع إلى مذهبين أحدهما المذهب الناصري وهو الذي أسسه الأمام الناصر وقد انقرض المتمذهبون بهذا المذهب، والمذهب الثاني هو المذهب الهادوي وهو الذي أسسه الإمام الهادي (يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم ابن إسماعيل بن الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب) وهو الذي عليه الزيدية الذين يقطنون في الجبال الشمالية من اليمن وهم يوافقون في الغالب أحد المذاهب الإسلامية الأربعة وخصوصاً المذهب الحنفي بل هو إلى المذهب الحنفي أقرب من المذهب الحنبلي إلى المذهب الحنفي، ولا سيما في مسائل الفقه المتعلقة بالمعاملات، كما أنهم أيضاً يوافقون المذهب الذي كان عليه الأمام (زيد بن علي) في بعض المسائل ويخالفونه في بعضها كما لا يخفى على كل من كان له اطلاع على مجموع الأمام زيد بن علي وأمالي أحمد بن عيسى والجامع الكافي وغيرها من الكتب التي ألفها أتباع الإمام (زيد بن علي) وكان عارفاً بما نص عله الأمام الهادي (يحيى بن الحسين) في كتاب الأحكام وغيره من مؤلفاته في الفقه، وبما نص عليه الإمام المهدي في الأزهار، ومن جملة المسائل التي اختلفت فيها آراء الأمام (زيد بن علي) والإمام (الهادي) المسائل التي سألت عنها في استفتائك هذا، وهي مسألة ضم اليدين على الصدر حال القيام في الصلاة، ورفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، فالإمام (زيد بن علي) ممن يذهب إلى مشروعية الضم لليدين عند القيام في الصلاة كما نص على ذلك في كتاب الصيام من مجموع زيد بن علي الذي جمعه تلميذه أبو خالد الواسطي، كما أنه ممن يذهب إلى مشروعية الرفع لليدين عند تكبيرة الإحرام كما نص عليه في كتاب الصلاة من المجموع المذكور، والإمام الهادي يمنع من ذلك كما جاء في مؤلفاته ومؤلفات من جاء بعده من علماء الهادوية رحمهم الله جميعاً، فمن رفع وضم فهو زيدي تابع للإمام زيد بن علي فيه، ومن لم يجوز الرفع والضم فهو هادوي، على أن بعض الهادوية لم يوافقوا الأمام الهادي في نفيه لمشروعية الضم والرفع في الصلاة بل ذهبوا إلى مشروعية الضم والرفع في الصلاة لكونها قد ثبتت في كتب أهل السنة وفي كتب الزيدية المتقدمين نفسها، كما أن علماء اليمن المتأخرين الذين نبذوا التقليد وراء ظهورهم واجتهدوا في جميع المسائل الشرعية وتحرروا في أقوالهم قد ذهبوا إلى أن الرفع والضم في الصلاة من السنن، كما أن من السنن أيضاً التأمين والدعاء في الصلاة محتجين بالأدلة الكثيرة الدالة على مشروعية الرفع عند تكبيرة الإحرام وعند النقل من القيام إلى الركوع ومن الركوع إلى الاطمئنان، وهكذا بالأدلة على مشروعية الضم والتأمين والدعاء في الصلاة وهي كثيرة وصحيحة أيضاً، ومن هؤلاء العلماء المجتهدين الأمام الكبير (محمد ابن إبراهيم الوزير) مؤلف (العواصم والقواصم) ومؤلف (الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم) وغيرهما من المؤلفات القيمة التي لا يعرف قدرها إلا من طالعها بتحقيق وتدقيق وكان من الملمين بكتب السنة وغيرها من علوم الاجتهاد، وكذلك الشيخ العلامة المحقق (صالح بن مهدي المقبلي) رحمه الله مؤلف (المنار على البحر الزخار) والعلامة الحافظ (محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني) مؤلف (سبل السلام شرح بلوغ المرام ومنحة الغفار حاشية ضوء النهار والعدة شرح العمدة وغيرها من المؤلفات الحرة المستقلة التي يعز وجود نظيرها)، وأخيراً القاضي الحافظ (محمد بن علي الشوكاني) مؤلف (نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار والدراري المضيئة شرح الدرر البهية ووبل الغمام حاشية شفاء الأوام وكتاب السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار) وغير هؤلاء من علماء اليمن الكبار الذين فتحوا باب الاجتهاد المطلق على مصراعيه غير هيابين ولا وجلين وتحرروا في آرائهم تحرراً جعلهم يخالفون المذهب الهادوي الذي كان يتمذهب به أسلافهم، والفضل في ذلك راجع إلى المذهب الهادوي نفسه لأنه نص على تحريم التقليد لمن كان أهلا للاجتهاد لما نص على أن التقليد في الفروع جائز لغير المجتهد، وعلى كل حال فالضم والرفع من المسائل الخلافية وهي عند القائلين بمشروعيتها هيئة من هيئات الصلاة وسنة من السنن لا فريضة من