للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا … وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (١) ويقول تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٢) والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول (إنّمَا النّسَاءُ شَقَائِقُ الرّجَالِ) (٣) إلا أن الإسلام قد فرق في بعض الأحوال بين الرجل والمرأة، وذلك كالإرث والشهادة وعدم الصلاة والصوم في أيام العادة الشهرية والنفاس، وعدم صلاحيتها للحكم، وعدم جواز الخلوة بها إلا مع محرم بها، وتحريم مسها على من لم يكن زوجها أو محرماً لها، ووجوب احتجابها عن الرجال الأجانب، وأن لا تسافر إلا مع محرم وأن لا تؤم الرجال في الصلاة ولا يجب عليها صلاة الجمعة ولا الجهاد في سبيل الله وأن ديتها مثل نصف دية الرجل وأن خير صف تصلي فيه جماعة هو آخرها، وأن صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، وغير ذلك من الفوارق التي جاءت في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وقد أطال الكلام حول هذه الفوارق وغيرها من الفوارق بين الرجل والمرأة في الإسلام وربط كل فارق بدليله من القرآن والسنة الشيخ مصطفى الجمامي في كتاب النهضة الإصلاحية، فمن أحب الوقوف عليها فليراجعها إن شاء.

وأما ما يجب أن تعمله المرأة فهو طاعة زوجها وأن تعمل الأعمال البيتية وأن تربي أولادها وتحافظ على صحتهم ونظافتهم وغذائهم وتخلق فيهم روح الشجاعة والدين والفضيلة والأخلاق وتغرس في قلوبهم العقيدة الإسلامية الصحيحة، قبل أن تدنس بدرن الإلحاد أو الشعوذة والخرافات لأن أحضان الأمهات هي المدارس الأولية اللاتي يدرس فيها أولاد الأمة، والكليات التي يتخرج منها رجال الغد ونساء الغد الذين سيتألف منهم المجتمع الإنساني الجديد، وذلك لأن أخلاق الطفل صورة مصغرة من أخلاق أمه، ولأن الطفل لا يمتثل لأي أمر سوى أمرها ولا يقلد أحدا في أيِّ عمل سواها ولا يألف أحداً غيرها ولا يعتمد على مخلوق دونها ولا يركن على إنسان مثل ركونه عليها فهي التي تؤثر على لسانه بكلامها وعلى قلبه بعقائدها بل هي التي تطبع عليه أخلاقها وعقائدها وأفكارها وآرائها ومبادئها فإن كانت من النساء الجاهلات اللاتي يؤمن بالترهات والخرافات والأباطيل فإن أطفالها ينشئون في ظلام من الجهل وفي ديجور من الضلال، وإن كانت من النساء الفاجرات فإن الأطفال يقومون بتمثيل دور أمهم في الفجور والعصيان، وإن كانت من المؤمنات الفاضلات فإن أطفالها ينشئون على ما شاهدوا عليه أمهم من الصلاح والفضل والإيمان، فالإسلام يوجب على المرأة أن تطع زوجها وتعمل أعمال بيتها وتتعلم أمور دينها ودنياها، وتربي أولادها تربية دينية سليمة، ولا يوجب عليها أن تحمِّل نفسها مالا تُطيق من الأعمال خارج المنزل والتي قد ترهق أعصابها وتجعلها تنسى تربية أطفالها فيصبحون أمراضا في أجسامهم أو في عقائدهم أو تفكيرهم، لا يوجب عليها هذه الأعمال المرهقة خارج المنزل إلا في حالات الضرورة القصوى.

وليس النبت ينبت في جنان … كمثل النبت ينبت في الفلاة

وأخلاق الوليد تقاس حسناً … بأخلاق النساء الوالدات


(١) - الأحزاب: (٣٥).
(٢) النحل: (٩٧).
(٣) سنن أبي داوود: كتاب الطهارة: باب في الرجل يجد البلة في منامه. حديث رقم (٢٠٤) بلفظ (عن عَائِشَةَ قَالَتْ: سُئِلَ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن الرّجُلِ يَجِدُ الْبَلَلَ وَلَا يَذْكُرُ احْتِلَاماً، قال: يَغْتَسِلُ، وَعن الرّجُلِ يَرَى أنْ قَدْ احْتَلَمَ وَلَا يَجِد الْبَلَلَ، قال: لَا غُسْلَ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ أُمّ سُلَيْمٍ: المَرْأةَ تَرَى ذَلِكَ، أعَلَيْهَا غُسْلٌ؟ قال: نَعَمْ، إنّمَا النّسَاءُ شَقَائِقُ الرّجَالِ) حسنه الألباني في صحيح سنن أبي داوود.
أخرجه الدارمي في الطهارة.
معاني الألفاظ: شقائق: النظائر والأمثال كأنهن شققن منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>