للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتاريخ، ومثل ما جاء في هذا الاستفتاء ما كنت سمعته منذ مدة طويلة مثل هذه القصة بعينها لـ (يزيد بن معاوية) مع (عمرو بن العاص) وهي أن (معاوية) كان قد أوصى ولده (يزيد) بأن لا ينزل القبر يواري أباه ويدخله اللحد، وأمره بأن يقدم (عمرو) لهذا العمل كاحترام له وتكريم فإذا نزل ولحده وحاول أن يطلع من القبر يكون من (يزيد) وجنوده وحراسه الأمر لـ (عمرو) بأن يبايع (يزيد) وهو في القبر ولا يمكنه من الطلوع إلا بعد أن يبايع (يزيد) خليفة للمسلمين وإذا لم يبايع ضربه الحراس بسيوفهم وقالوا إن (يزيد) عمل هذه العملية فتمكن من أخذ البيعة من (عمرو بن العاص) تحت الضغط والتخويف إلى آخر القصة المخالفة للتاريخ من وجهين:

الأول: أن (عمرو بن العاص) كان قد توفي بمصر قبل معاوية بـ (١٧) عاماً فكيف يحضر دفن معاوية في دمشق عاصمة الخلافة الإسلامية أو عاصمة الدولة الأموية في ذلك العصر بعد أن توفي في الفسطاس عاصمة الديار المصرية في ذلك العصر سنة (٤٣ هـ).

الثاني: أن (يزيد بن معاوية) كان في اليوم الذي توفي فيه والده ودفن في مدينة دمشق كان خارج مدينة دمشق ولم يحضر موت والده ولا دفنه ولا الصلاة عليه، وإنما سمع بموت والده وهو خارج العاصمة المذكورة مسافراً قافلاً من سفره إلى دمشق بعد أيام من موت والده وبعد دفنه ذهب إلى قبر والده وصلى على قبره كما جاء في كتب التاريخ، فكيف يروون عنه هذه الرواية ولم يكن حاضراً في دمشق فضلاً عن حضوره حال الدفن، ولهذا قال العلماء ما استعنا على كذب الكذابين بمثل التاريخ.

س: لماذا سمي الصحابي الجليل (أبو عبيده ابن الجراح) أمين الأمة من قبل الرسول الأعظم -صلى الله عليه وسلم-؟ وما هي المناسبة؟

جـ: تسمية (أبي عبيده بن الجراح) أمين هذه الأمة لأن أهل نجران قدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا ابعث معنا رجلاً يعلمنا السنة والدين فاخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- بيد أبي عبيده بن الجراح وقال (هذا أمين هذه الأمة) كما جاء في صحيح مسلم رحمه الله بلفظ (عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ جَاءَ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ صَاحِبَا نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُرِيدَانِ أَنْ يُلَاعِنَاهُ قَالَ: فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لَا تَفْعَلْ فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَاعَنَّا لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا، قَالَا: إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا وَلَا تَبْعَثْ مَعَنَا إِلَّا أَمِينًا فَقَالَ: لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: قُمْ، يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، فَلَمَّا قَامَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ) (١).


(١) - صحيح البخاري: كتاب المعازي: باب قصة أهل نجران. حديث رقم (٤٠٢٩) بلفظ (عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ جَاءَ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ صَاحِبَا نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُرِيدَانِ أَنْ يُلَاعِنَاهُ قَالَ: فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لَا تَفْعَلْ فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَاعَنَّا لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا، قَالَا: إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا وَلَا تَبْعَثْ مَعَنَا إِلَّا أَمِينًا فَقَالَ: لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: قُمْ، يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، فَلَمَّا قَامَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ).
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، والترمذي في المناقب عن رسول الله، وابن ماجة في المقدمة، وأحمد في باقي مسند الأنصار.
أطراف الحديث: المناقب، المغازي، أخبار الآحاد.
معاني الألفاظ: الملاعنة: الدعاء بالهلاك على الكاذب منهم. العقب: الذرية. … استشرفوا: تطلعوا له.

<<  <  ج: ص:  >  >>