للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدم وقوفه عليه ظنه موضوعاً فعده في (المصنوع) من جملة الأحاديث الموضوعة مع كونه قد صرح في أول كتابه هذا أنه لا يذكر من الأحاديث إلاَّ الأحاديث التي لم يختلف العلماء في الحكم عليها بالوضع، كما أنه قد عده أيضا في موضوعاته الكبرى الذي سماها (الأسرار المرفوعة) كما أن (الشوكاني) اطلع على ما قاله (الفيروز أبادي) في (مختصره) فنقل كلامه وعده من الموضوعات في حين أن العراقي قد نص على تخريجه في نفس كتابه هذا كما نقله عنه (أبو غده) ولعل نصه هذا في نسخة أخرى من نسخ التخريج للـ (الإحياء) لأن تخريج (الإحياء) له نسختان كبرى وصغرى ومهما يكن فلا يلزم من قول العراقي لم أجده عدم وجوده لأنه قد وجده غيره وهكذا لا يلزم من قول (الفيروز أبادي) أنه غير موجود عدم وجوده لأنه قد وجده غيره ومن حفظ حجة على من لم يحفظ والمثبت مقدم على النافي وكذلك لا يلزم من نقل (الملا على القاري) و (الشوكاني) عمن قبلهما أنه لم يجده أنه غير موجود لأن نقلهما عن من قبلهما عدم الوجود لا يدل على عدم وجوده في الواقع، وبناء على ذلك فعلى من يطلع على كتاب (المصنوع) لـ (القاري) أن لا يغتر بنقل القاري عن العراقي عدم وجود هذا الحديث بل يراجع ما قاله (أبو غده) في تعليقاته على هذا الكتاب، وعلى من يطلع على كتاب (الأسرار المرفوعة) أن لا يصدق ما نقله (القاري) عن العراقي عن هذا الحديث بل عليه أن يراجع ما قاله (الصباغ) في تعليقه على هذا الكتاب، وعلى من يطلع على ما قاله (الشوكاني) في (الفوائد المجموعة) أن لا يغتر بنقله عن صاحب (المختصر) عدم وجود هذا الحديث وعليه مراجعة ما قاله العلامة (المعلمي) في تعليقاته على (الفوائد المجموعة)، وأما معنى هذا الحديث فمعناه (إني أجد الفرج من قبل اليمن) كما قال (البيهقي) في كتاب (الأسماء والصفات) وقال العلامة (محمد بن الحسن بن فورك الأنصاري الأصبهاني) في كتابه (مشكل الحديث) معناه إني لأجد تفريج الله عني وتنفيسه عن كربتي بنصرته إيَّاي من قبل أهل اليمن إلى آخر ما قاله رحمه الله، وبهذه المناسبة أذكر أني سئلت قبل أعوام عن هذا الحديث فأجبت عنه بجواب غير صحيح حيث قلت في الجواب عن السائل عمن أخرج هذا الحديث (أخرجه مسلم في صحيحه) والواقع أنه غير موجود في صحيح مسلم وأن نسبتي هذا الحديث إلى صحيح مسلم كان غلطاً مني حيث خطر ببالي حديث آخر أخرجه مسلم في فضل أهل اليمن وهو الحديث الذي أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته أنه سيذب الناس لأهل اليمن عند الحوض ولفظه (إِنِّي لَبِعُقْرِ حَوْضِي أَذُودُ النَّاسَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ أَضْرِبُ بِعَصَايَ حَتَّى يَرْفَضَّ عَلَيْهِمْ) (١) إلى آخر الحديث الذي قال عنه (النووي) في شرحه صحيح مسلم أن معناه أطرد الناس عنه غير أهل اليمن ليرفض على أهل اليمن كما أضاف قائلاً وهذه كرامة لأهل اليمن في تقديمهم في الشرب منه مجازاة لهم بحسن صنيعهم وتقدمهم في الإسلام، والأنصار من اليمن فيدفع غيرهم حتى يشربوا كما دفعوا في الدنيا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعدائه والمكروهات، ومعنى يرفض عليهم يسيل عليهم إلى آخر كلامه في باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وآله وسلم وصفاته، وحاصل ما جاء في جوابي هذا يتلخص فيما يلي:


(١) - صحيح مسلم: كتاب الفضائل: باب إثبات حوض النبي وصفاته. حديث رقم (٤٢٥٦) بلفظ (عَنْ ثَوْبَانَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنِّي لَبِعُقْرِ حَوْضِي أَذُودُ النَّاسَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ أَضْرِبُ بِعَصَايَ حَتَّى يَرْفَضَّ عَلَيْهِمْ، فَسُئِلَ عَنْ عَرْضِهِ فَقَالَ: مِنْ مَقَامِي إِلَى عَمَّانَ، وَسُئِلَ عَنْ شَرَابِهِ فَقَالَ: أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ، يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ يَمُدَّانِهِ مِنْ الْجَنَّةِ أَحَدُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ، وَالْآخَرُ مِنْ وَرِقٍ).
أخرجه أحمد في باقي مسند الأنصار.
معاني الألفاظ: الذود: الطرد والمنع.
الميزاب: قناة يجري فيها الماء.
الورق: الفضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>