السباحة ولم يقصد العبادة المقصودة التي أوجبها الله سبحانه وتعالى وأوجبها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهكذا نقول في من صلى صلاةً ولم يقصدها فإن صلاته غير صحيحة أو غير مشروعة فمن توضأ وقت الضحى مثلاً وصلى ركعتين قاصداً صلاة الضحى أو قصد صلاة ركعتين نافلتين أو قاصداً السنة التي تشرع عند الفراغ من الوضوء ثم ذكر أنه نام عن صلاة الفجر ولم يصلها فلا يصح أن يجعل هاتين الركعتين بدلاً عن صلاة الفجر لأنه عندما صلى الركعتين المذكورتين لم يقصد بهما تدارك صلاة الفجر التي نام عنها وإنما قصد بالركعتين الضحى أو النافلة المطلقة، وهكذا من أعطى فقيراً مالاً إسعافاً له على نكبة وقعت عليه أو صلة له إن كان من أرحامه ثم ذكر عقب ذلك أن عليه زكاة واجبة على مال زكوي بلغ النصاب ومضى عليه عام من تاريخ تملكه النصاب فإنه لا يصح أن يجعل ما صرفه للفقير إعانة على حالته أو جبراً لنكبته أو ما قد صرفه لرحِمِه أن يجعل ذلك زكاة واجبة عن ماله الذي قد وجبت عليه فيه الزكاة لأنه عندما صرف للفقير المنكوب لم يقصد بصرف ما صرف هو إخراج الزكاة الواجبة عليه في المال الزكوي الذي بلغ النصاب وإنما قصد صدقة تطوع لا الزكاة الواجبة كما أنه عندما صرف لقريبه المسكين لم يقصد بصرف ما صرفه هو إخراج الزكاة الواجب إخراجها عن المال الزكوي الذي أوجبه الإسلام عليه بعد أن مضى على تملكه عام واحد وبلغ النصاب وإنما قصد صله الرحم والعطف على الأقارب والمساكين، هذا وأما سنة صلاة الظهر القبلية وسنة صلاة الظهر البعدية فكل واحدة تحتاج إلى نية مستقلة لأن كل واحدة من هاتين السنتين مستقلة بالسنية والصلاة المنفردة عن الأخرى لا يسدُّ أحدهما مسدَّ الأخرى بخلاف تحية المسجد فليست سنة مستقلة لا يجزئ غيرها بدلاً عنها لأن المراد بها ألا يجلس حتى يصلي ركعتين فإذا وصل المصلي وقد أقيمت الصلاة فلينضم إلى الجماعة ويصلي مع المصلين وتسقط تحية المسجد عنه، وهكذا إذا دخل شخص المسجد ولكنه عقب دخوله المسجد بدى له أن يخرج من المسجد قبل أن يجلس فإن صلاة التحية تسقط عنه، ومثل ذلك الصلاة التي تسمى صلاة سنة الوضوء التي جعلها الشافعية من السنن وهي التي تشرع عقب الوضوء فمن توضأ لصلاة من الصلوات فيشرع له أن يركع ركعتين لكن إذا صادف ان ركع هاتين الركعتين عند دخوله المسجد فإن صلاة التحية تسقط عنه لأن المراد بصلاة التحية هو ألا يجلس القادم إلى المسجد حتى يصلي فإذا كان عند وصوله سيصلي ركعتي الوضوء فإن صلاة التحية قد دخلت ضمنها.
الخلاصة: أن النية في الصلاة وغيرها من العبادات واجبة وأنه لا يجب التلفظ بالنية وإنما العبرة بـ (القصد) فقط، وإن من لم يقصد الصلاة أو غيرها من العبادات فصلاته أو عبادته غير صحيحة أو غير شرعية، وأن أداء ركعتي الوضوء مشروعة وتسقط بها صلاة التحية، وأن صلاة التحية لا تشرع إلا لمن سيجلس في المسجد وأن من سيدخل في صلاة أخرى سنة كانت أو فريضة فصلاته هذه تسقط صلاة التحية كما قرر العلماء.
س: توجد عدة أقوال حول النية قول بأن التلفظ بها سنة وقول بأن محلها القلب وأن التلفظ بها بدعة وأنه لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- التلفظ بها ونحن في حيرة من هذه المسألة أفتونا؟
جـ: الجواب أنني ذاهب إلى ما ذهب إليه ابن القيم قدس الله روحه لأن النية لغة هي (القصد) ولم يرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر أيَّ مصلٍ بالتلفظ بها ولم يرد من فعله ولا من قوله ولا من تقريره ما يدل على أنه لا بد من التلفظ بها، وكذلك لم يؤثر عن الصحابة والتابعين
وخير الأمور السالفات على الأُلى … وشر الأمور المحدثات البدائع
وما قلته في الصلاة أقوله في الصيام وفي سائر العبادات ومن ادعى غير ذلك فعليه بالدليل الصحيح الصريح.