للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المغرب وقبل أداء صلاة المغرب، ومن العلماء من ذهب إلى عدم مشروعية هاتين الركعتين بل ذهب إلى أنها مكروهة ومن الفريق الثاني علماء المذهب الهادوية الزيدية رحمهم الله جميعاً وقد أصبح الفريق الأول وهم القائلون بمشروعية صلاة ركعتين خفيفتين بعد أذان المغرب وقبل أداء صلاة المغرب على جهة السنة أو الندب أو الاستحباب احتجوا بجملة أدلة من السنة النبوية الدليل الأول عام وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم (بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ) (١) أي بين كل أذان وإقامة صلاة فالمراد بالأذانين الأذان والإقامة من باب التغليب وذكر الأبوين للأب والأم والقمرين للشمس والقمر فهذا الحديث يعم ما بين أذان المغرب وإقامة صلاة المغرب لأن لفظة (كل) من ألفاظ العموم فتعم كل أذان وإقامة وهذا الحديث صحيح عند جميع العلماء، والدليل الثاني خاص وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبعض أصحابه (صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ) (٢) وإنما قال لمن شاء لأن لا يتوهم المخاطبون بأن الأمر للوجوب فقال لهم لمن شاء ليعرفوا أن الأمر هاهنا ليس للوجوب وإنما للندب والصحابة رضوان الله عليهم كانوا يصلون هاتين الركعتين وأن رسول الله قد أقرهم على صلاتهافي حديث (كَانَ الْمُؤَذِّنُ إِذَا أَذَّنَ قَامَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ كَذَلِكَ يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ) (٣)، واحتج أهل القول الثاني بدليلين:

الأول: أن الأدلة قد دلت على وجوب المبادرة لأداء صلاة المغرب والمسارعة إليها وصلاة هاتين الركعتين ستؤخر صلاة المغرب عن أول وقتها الذي حث عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

الثاني: ما جاء في بعض الكتب منسوباً إلى (البزار) من استثناء صلاة المغرب من جملة الصلوات التي أدخلت في حديث (بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ) حيث روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ) (٤) وقد أجاب الفريق الأول على الثاني بأن صلاة الركعتين قبل الصلاة المفروضة وبعد الأذان إذا كانتا خفيفتين لا تخرج الصلاة المفروضة عن أول وقتها ولا تتنافى مع الحث من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المبادرة بأدائها في أول الوقت ولا تتعارض مع الأدلة الدالة على وجوب المسارعة إلى أداء الفريضة في أول وقتها المحدد شرعاً لأن الأدلة الدالة على وجوب المسارعة إلى أداء صلاة المغرب في أول وقتها المحدد شرعاً قد خصصت بالأدلة الدالة على مشروعية هاتين الركعتين فكأنه قال بادروا بأداء صلاة المغرب في أول وقتها ولا تعملوا أي شئ غير الركعتين المذكورتين في حديث (صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ


(١) - صحيح البخاري: سبق ذكره في هذا الباب من حديث عبد الله ابن مغفل المزني برقم (١١٨٢).
(٢) - صحيح البخاري: سبق ذكره في هذا الباب من حديث عبد الله ابن مغفل المزني برقم (١١٨٢).
(٣) - صحيح البخاري: كتاب الأذان: باب كم بين الأذان والإقامة. حديث رقم (٥٨٩) بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ الْمُؤَذِّنُ إِذَا أَذَّنَ قَامَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ كَذَلِكَ يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ شَيْءٌ، قَالَ عُثْمَانُ بْنُ جَبَلَةَ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ: لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا قَلِيلٌ)
أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، والنسائي في الأذان، وأبوداود في الصلاة، وأحمد في باقي مسند المكثرين.
معاني الألفاظ: ابتدر: سابق وتنافس.
(٤) - صحيح البخاري: كتاب الأذان: باب بين كل أذانين صلاة. حديث رقم (٥٩١) بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ).
أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، والترمذي في الصلاة، والنسائي في الأذان، وأبو داود في الصلاة، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في أول مسند المدنيين أجمعين، أول مسند البصريين، والدارمي في الصلاة.
أطراف الحديث: الأذان.

<<  <  ج: ص:  >  >>