للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون إلا فيما ابتغي به وجه الله وهو بلفظ (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ) (١) وهذا النذر لم يبتغ به صاحبه وجه الله، وإنما ابتغى به وجه صاحب القبر (عبدالله بن سالم السالمي)، وقطع الصفوف حرام لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (وَمَنْ وَصَلَ صَفَّا وَصَلَهُ الله، وَمَنْ قَطَعَ صَفَّا قَطَعَهُ الله) (٢) ودعاء الميت ونداؤه والاستغاثة به والتوسل إلى الله به حرام قطعاً لأن الله سبحانه وتعالى يقول {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (٣) والمسلم المؤمن إذا أصابته نعمة أو مصيبة أو أيُّ بلاء يدعو الله سبحانه وتعالى فهو وحده الذي يجيب دعوة من ناداه ولا يجيب أحد من الأموات لا (السالمي) ولا (ابن علوان) ولا (المهدي) ولا غيرهم من أصحاب القبور، ومن تأمل ما جاء في القرآن العظيم والسنة النبوية المطهرة عرف تحريم كل ما ذكرته في جوابي هذا والخلاصة موجزة فيما يلي:

١ - عمارة المسجد على القبور محرم شرعاً. ٢ - دفن الأموات في وسط المسجد حرام ولا سيما إذا قطع الصفوف.

٣ - رفع القبور أكثر من شبر حرام مطلقاً سوى كان المقبور عالماً أو جاهلاً.

٤ - النذر لأصحاب القبور غير مشروع وغير منعقد شرعاً. ٥ - قطع صفوف الصلاة حرام شرعاً.

٦ - دعاء غير الله والاستعانة بالأموات والتوسل بهم حرام شرعاً.

س: يوجد قبر ولي كما يقال ويأتي إليه الجهلة من الرجال والنساء للزيارة والتبرك والتوسل بصاحب القبر ويحثون التراب على أجسادهم ويحدث حول هذا القبر عجائب ومنكرات نستحي عن ذكرها، فما حكم الشريعة في ذلك؟

جـ: اعلم بأن كل ما جاء في هذا الاستفتاء حرام فقصد القبور وشد الرحال إليها محرمٌ شرعاً بنص حديث الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى) (٤) واختلاط الرجال بالنساء حرام لأنه من وسائل الجريمة وإذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد نهى النساء عن الاختلاط في صلاة الجماعة وأمرهن بأن يتأخرن عن الرجال وهن في حالة الصلاة فبالأولى والأحرى تحريم اختلاط النساء بالرجال على القبور، وهكذا الاستغاثة قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (٥) ونقول لهم اعملوا لأنفسكم لأن الميت لا يقدر على نفع نفسه فكيف ينفعكم وقد انقطع عمله، وإذا كان الميت لا يستطيع نفعكم فبالأولى والأحرى التراب الموجود على قبره فهو لا ينفع أحداً، وكذلك وطء القبور حرام.


(١) - صحيح البخاري: كتاب الإيمان والنذور: باب النذر في الطاعة وما أنفقتم. حديث رقم (٦٥٤٨) بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ).
(٢) - سنن أبي داوود: كتاب الصفوف: باب تسوية الصفوف. حديث رقم (٦٦٦) بلفظ (عن أبي شَجرَةَ، لم يَذْكُرْ ابنَ عُمَرَ أَنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بَيْنَ المَنَاكِبِ وَسدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُم، لَمْ يَقُلْ عِيسى بِأَيْدِي إخْوانِكُمْ، وَلَا تَذَرُوا فَرُجاتٍ لِلشَّيْطَانِ، وَمَنْ وَصَلَ صَفَّا وَصَلَهُ الله، وَمَنْ قَطَعَ صَفَّا قَطَعَهُ الله) صححه الألباني في صحيح سنن أبي داوود بنفس الرقم.
(٣) - الجن: آية (١٨)
(٤) - صحيح البخاري: سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (١١٧١).
(٥) - الأعراف: آية (١٩٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>