للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ ذَنْبِهِ) (١) وحديث (أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلَاتِهِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَصَلَّوْا مَعَهُ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ، فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ حَتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَال: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، لَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا) (٢) وهو الذي ذهب إليه جمهور أهل السنة، وقيل أنها ليست بسنّة وهو مذهب الشيعة الزيدية الهادوية بل قال الهادوية أن من صلاها معتقداً أنها سنة فهو مبتدع لأنها تصير بنية كونها سنة بدعة، كما أنهم لا يجعلون الجماعة في صلاة الليل مسنونة بل يجعلونها خلاف السنة ولهذا لا نجد الهادوية الزيدية يصلون في ليالي رمضان في الوقت الذي نجد الشافعية والحنبلية وغيرهم من أهل السنة يحافظون على أدائها في ليالي رمضان من أوله إلى آخره عشرين ركعة يسلمون فيها على ركعتين، وقد كنت طالعت ما جاء في كتب السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام في موضوع صلاة الليل وما قاله علماء الجرح والتعديل في حال بعض أحاديث صلاة التراويح وما نص شُرّاح الحديث المجتهدين المستقلين في آرائهم كـ (الأمير والشوكاني والألباني) وغيرهم من العلماء الأحرار وفهمت من كلامهم أن الأحاديث الواردة في العشرين ركعة بلا زيادة ولا نقصان ضعيفة عند علماء الحديث المختصين.

وأما أنا فلا أعتقد أن من صلاها عشرين ركعة من المبتدعين لحديث (صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ، صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَة، تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى) (٣)، والمسألة لا تحتاج إلى تهويل أو تطويل ولا إلى تعصب أو تحيز فالدين يسر والشريعة سمحة والمهم هو حسن النية والإخلاص في عبادة الله ولله در الشعبي حيث يقول

يصلي كيفما شاء لله السر والقبول.

س: هل لصلاة التراويح أصل في الشريعة الإسلامية؟


(١) - صحيح البخاري: كتاب الإيمان: باب تطوع قيام رمضان من الإيمان. حديث رقم (٣٧) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).
أخرجه مسلم في صلاة المسافرين، والترمذي في الصوم، والنسائي في الصوم، وأبوداود في الصوم، وأحمد في باقي مسند المكثرين، والدارمي في الصوم.
أطراف الحديث: الصوم، صلاة التراويح.
معاني الألفاظ: الإحتساب: رجاء الثواب من الله تعالى.
وحديث رقم (٢٠١٠) بلفظ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسجدِ فَإِذَا النَّاس أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجلُ لِنَفْسهِ وَيُصَلِّي الرَّجلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أَرَى لَوْ جمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ، ثُمَّ عَزَمَ فَجمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاس يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الَّتِي يَقُومُونَ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاس يَقُومُونَ أَوَّلَهُ).
أخرجه مالك.
معاني الألفاظ: … أوزاع: جماعات متفرقون. … الرهط: جماعة من الرجال ما دون العشرة.
(٢) - صحيح البخاري: كتاب الجمعة: باب من قال في الخطبة بعد الثناء أمابعد. حديث رقم (٨٧٢) بلفظ (أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلَاتِهِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَصَلَّوْا مَعَهُ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ، فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ حَتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ لَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا)
أخرجه مسلم في صلاة المسافرين، والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار، وأبوداود في الصلاة، وأحمد في باقي مسند الأنصاار.
(٣) - صحيح مسلم: سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر برقم (٩٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>