جـ: اعلم أنه إذا كان الرجل يؤدي صلاته مؤتماً بعد الإمام في الجماعة ولكنه لم يدخل في الصلاة بعد إمام الصلاة إلا وقد أصبح الإمام في الركعة الثانية وهي للمؤتم الأولى وقعد الإمام لأداء التشهد الأوسط وتابعه المؤتم وهي له الأولى فلا يشرع لهذا المؤتم أن يقرأ التشهد الأول في حالة قعوده أبداً بل عليه أن يتابع الإمام بالقعود ويسكت ولا يقرأ التشهد، أما وجوب المتابعة فلأنه قد ورد الدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (إِنَّمَا جعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)(١) إلى آخر الحديث الدال على وجوب متابعة الإمام في كل ما يعمله من الركوع أو الاطمئنان أو السجود أو القعود للتشهد الأوسط أو للتشهد الأخير، وأما عدم مشروعية القراءة فلأنة لم يرد في السنة النبوية ما يدل على أن المؤتم المذكور يقرأ التشهد أبدا وإذا لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فاللازم البقاء على الأصل وهو عدم القراءة حتى يرد دليل صحيح صريح خالٍ عن المعارضة، هذا والجدير بالذكر أن ما يفعله بعض المؤتمين الذين يلحقون الإمام في صلاتهم الرباعية وهو في حالة أدائه للركعة الثانية فيتفق أن يقوم الإمام من السجدة الأخيرة للركعة الثانية ليتشهد التشهد الأوسط فيتابعه المؤتمون ويقعدون بعده للتشهد الأوسط ولا يتابعه في القيام من اللاحقين للإمام ممن لم ينخرط في سلك المؤتمين إلا وقد أصبحوا في الركعة الثانية بل يبقى هذا البعض ساجداً ولا يقوم من السجدة الأخيرة لهذه الركعة إلا وقد صار الإمام والمؤتمون في وسط التشهد الأوسط وهذا غلط وجهل ومخالفة محرمة شرعاً لأن اللازم شرعاً هو الإئتمام بالإمام في كل شي والمتابعة له في كل ما يعمله من الركوع أو السجود أو القعود للتشهد، وهذه ظاهرة رأيناها في كثير من المساجد حيث لاحظناها عند قعودنا للتشهد الأوسط فرأينا أناساً لا يتابعون الإمام عند أن يقوم من السجدة الأخيرة للركعة الثانية متابعة فورية كما هو الواجب عليهم وعلى غيرهم من المؤتمين سواء كان المؤتم لاحقاً أو غير لاحق، فإذا سئل هذا الشخص أو هؤلاء الناس الذين يتأخرون عن الإمام وعن المؤتمين بالإمام عن الموجب لتأخرهم وعدم متابعتهم للإمام المتابعة الفورية فيجيب أن الموجب لتأخره هو أنه يجب أن يبقى ساجداً ما دام هذا القعود للتشهد ليس لي فيه ذكر مشروع حيث وقراءة التشهد لا تكون إلا لمن صلى ركعتين وأنا لم أصل ركعتين وإنما صليت ركعة واحدة لأني لم أدرك الإمام وهو في الركعة الأولى وإنما أدركته وهو في الركعة الثانية، هكذا يقولون، وهذه بدعة لم يدل عليها أي دليل بل الدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة يدل على أن الواجب على جميع المؤتمين أن يتابعوا إمام الصلاة في قيامه وفي قعوده و في سجوده وفي اطمئنانه المطلق سواء كان هذا المؤتم قد انضم إلى المصلين وهم في حال أداء الركعة الأولى من الصلاة أو في حال أداء الركعة الثانية من الصلاة أو الثالثة أو الرابعة، وكذلك سواء أكان في حالة السجود أو في حالة القيام إلا أنه إذا كان في حال سجود لا تحسب له ركعة إلا إذا أدرك القيام أو الركوع، وهكذا لاحظنا بعض المصلين الذين لم يدركوا الإمام إلا وهو في حال سجوده للركعة الثانية من صلاة الفجر أو في حالة سجوده للركعة الثالثة من صلاة المغرب أو حالة سجوده للركعة الرابعة من الظهر أو العصر أو العشاء عند أن يعرفوا أن هذه السجدة الأخيرة أو السجدتين الأخيرتين قد صارت آخر سجدتين من الصلاة يكبرون تكبيرة الإحرام ويصلون جماعة ثانية فور علمهم بأن الإمام والمؤتمين الأولين قد صاروا في حال السجدتين الأخيرتين أو في حال التشهد الأخير إلى حد أنه في بعض الأوقات لا يفرغ الإمام الأول مع المؤتمين الأولين من الصلاة ويسلموا التسليمتين إلا وقد صار الإمام الأخير مع المؤتمين الآخرين في آخر قراءة فاتحة الكتاب وفي بعض الأحيان يكون الإمام الأخير في أثناء قراءة السورة التي يقرأها بعد فاتحة الكتاب من الركعة الأولى، وهذا خلاف المشروع وذلك لأن المشروع هو أن اللاحق ينضم
(١) - صحيح البخاري: سبق ذكره في هذا الباب من حديث أنس رضي الله عنه برقم (٦٨٩).