للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد انحرف عقله وأصبح مجنوناً فإنه بجنونه تسقط عنه الصلاة كما تسقط عن المغمى عليه الفاقد عقله بغيبوبة ونحوها، وأمامن كان مريضاً فعليه أن يصلي بقدر الإمكان، فإذا كان قادراً على الصلاة من قيام فلا عذر له من الصلاة من قيام وإذا لم يستطع القيام فعليه أن يصلي من قعود وإذا لم يستطع أن يصلي من قعود فليصل على جنب ولا تسقط عنه الصلاة إلا بزوال عقله لأنه بزوال العقل يسقط التكليف عنه كما جاء في الحديث المرفوع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلفظ (رفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَستَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَشِبَّ، وَعَنْ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَعْقِلَ) (١) ولايجوز ولا يشرع لأيِّ إنسان أن يصلي عن إنسان آخر مطلقاً سواءً كان الذي ترك الصلاة حياً أم ميتاً لأن الصلاة عبادة بل هي أفضل العبادات البدنية والأصل في العبادات البدنية ألا يؤديها أحد عن أحد سواءً كان التارك لها في عداد الأحياء أم في عداد الأموات، ولم يرد دليل صحيح صريح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أجاز أحداً من الصحابة أن يصلي عن أحد أو ينوب عنه أو يقضي عنه ما فات من الصلوات، ولقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ، صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ) (٢) وورد فيمن مات ولم يحج أو أدركته فريضة الحج ولم يحج مايدل على مشروعية الحج عنه في حديث (إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ) (٣) ولكن لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أجاز الصلاة عن الميت وبناءً على عدم ورود ما يدل على جواز الصلاة عن الميت فالصلاة عنه غير مشروعة سواءً كان الذي سيصلي عن الميت من أقاربه أم من غيرهم، وأما الصدقة عن الميت فهي مشروعة في حديث (نَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ) (٤) والدعاء للميت مشروع في حديث (إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ


(١) سنن الترمذي: سبق ذكره من حديث علي رضي الله عنه برقم (١٤٢٣) وبتصحيح الألباني في صحيح الترمذي بنفس الرقم.
(٢) صحيح البخاري: سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي الله عنها برقم (١٩٥٢).
(٣) صحيح البخاري: سبق ذكره في هذا الباب من حديث عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما برقم (١٤١٧).
(٤) صحيح مسلم: كتاب الزكاة: باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه. حديث رقم (٢٣٢٣) بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ: لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ).
أخرجه البخاري في الجنائز، الوصايا، والنسائي في الصلاة، الوصايا، وأبو داود في الصلاة، وابن ماجة في الوصايا، وأحمد في باقي مسند الأنصار، ومالك في الأقضية.
أطراف الحديث: الوصية.
معاني الألفاظ: اقتلتت: أي ماتت فجأة.

<<  <  ج: ص:  >  >>