للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتمسك به في قوله تعالى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (١) وقوله تعالى {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٢) في الآيتين دلالة على وجوب التمسك بنصوص الوحي الإلهي قرآناً وسنةً في مسائل (الاعتقاد والعبادات والمعاملات والأخلاق والعلاقات) وغيرها من أمور الدين، ودلالة على وجوب تقديم نصوص الوحي الإلهي على نصوص متون وشروح المذاهب الفقهية في التعلم والتعليم والعمل ولاسيما الأراء الفقهية التي تخالف نصوص القرآن والسنة مخالفة واضحة صريحة لأن هذه الآراء المخالفة هي من الباطل الذي لُبِّس بالحق، وتعلمها وتعليمها والعمل بها حرام للنهي عنها في قوله تعالى {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٣) وقد توعدالله كل من يقدم آراء واجتهادات أئمة المذاهب الفقهية أو الطوائف المنتسبة للإسلام على هدي الله المتمثل في نصوص الوحي الإلهي بسلب الولاية والنصرة منه كما في قوله تعالى {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (٤) والإجتهادات المخالفة لنصوص الوحي الإلهي ومقاصدها في كتب متون وشروح المذاهب الفقهية وكتب الطوائف المنتسبة للإسلام هي من (أهواء الذين لايعلمون) التي حرم الله اتباعها في التعلم والتعليم والعمل في قوله تعالى {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} (٥)، بينما من المعلوم لدى كل الناس أن الفقه المذهبي فرَّق الأمة ومزقها شر ممزق وولَّد بين أبنائها العداوة والبغضاء التي هي أعظم غاية للشيطان الرجيم المبينة في قوله تعالى {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} (٦) وتعلُّم الفقه وتعليمه من كتب متون وشروح نصوص المتون في المذاهب الفقهية الشيعية والسنية التي قد لا يعرف المعلم ولا المتعلم أن ما يعلِّمه أويتعلَّمه هو مراد الله وهديه في أيِّ مسألة من المسائل الفقهية التي اشتملت عليها كتب المتون والشروح لجهل المعلم والمتعلم بمعظم أدلتها من نصوص القرآن والسنة، ولأن بعضها يوافق الأدلة من نصوص القرآن والسنة وبعضها يخالف نصوص القرآن ونصوص السنة الصحيحة، فهذا المنهج في تعلم وتعليم الفقه من كتب متون وشروح المذاهب الفقهية الشيعية والسنية هو تحقيق لطاعة الشيطان في أهم مقصد من مقاصده في إغواء البشر وإضلالهم عن إتباع هدى الله عزوجل وهو القول على الله بغير علم، وقد حذر الله العباد من طاعة الشيطان في القول على الله في الدين بغير علم في قوله تعالى {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٧) وتعلم مسائل الفقه من متون وشروح المذاهب الفقهية التي لاتنص ولا تذكر أدلة المسأئل التي اشتملت عليها بأدلتها من نصوص القرآن والسنة هو من القول على الله بغير علم وهو أعظم طاعة وعون للشيطان الرجيم في صرف العباد عن صراط الله المستقيم الذي أمرهم باتباعه في قوله تعالى {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا


(١) - آل عمران: آية (١٠٣)
(٢) - الزخرف: آية (٤٣)
(٣) - البقرة: آية (٤٢)
(٤) - البقرة: آية (١٢٠)
(٥) - الجاثية: آية (١٩، ١٨)
(٦) - المائدة: آية (٩١)
(٧) - البقرة: آية (١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>