للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها ركعتان في كل ركعة ركوعان ترجيحاً للرواية التي في الصحيحين بلفظ (خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ فَكَبَّرَ فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقَامَ وَلَمْ يَسْجُدْ، وَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ أَدْنَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ وَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ أَدْنَى مِنْ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ فَاسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: هُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ) (١) وهو ترجيح علماء اليمن المتأخرين الشوكاني وغيره.

س: كيف أدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الكسوف؟ وقد حدث كسوف القمر في العام الماضي فصليتها خلف إمام ركعتين في كل ركعة خمس ركوعات، فأفتونا عن كيفية صلاة الكسوف وهل هناك خلاف بين أئمة المذاهب؟

جـ: ورد في كيفية صلاة الكسوف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها ركعتان في كل ركعة ركوعان، ويروى أنها ركعتان في كل ركعة ثلاثه ركوعات، ومنها أنها ركعتان في كل ركعة أربعة ركوعات، ومنها أنها ركعتان في كل ركعة خمسه ركوعات، وكلها في كتب السنة وكل واحد أخذ صفة من هذه الصفات فالهادي مثلاً قال بأنها ركعتان في كل ركعة خمسه ركوعات وذلك لأن فيه عمل بالزائد والعمل بالزائد أولى من العمل بالناقص، والشوكاني قال: بأنها ركعتان في كل ركعة ركوعان لأنها الأصح في الإسناد، ولهذا فإن الذي يصلي ركعتين في كل ركعة خمسة ركوعات قد صلى على المذهب الهادوي ويروى بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاها ركعتين في كل ركعة خمسه ركوعات والذي استنكرها فإن مذهبه مذهب من صلى ركعتين في كل ركعة ركوعان، و المسألة فيها خلاف هذا بالنسبة لصلاة الكسوف، أما بالنسبة إلى حكمها فإنها سنة وليست واجبة والدليل على أنها سنة هو إجماع الصحابه والتابعين لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَقُومُوا فَصَلُّوا) (٢) ولكن بعض المتأخرين ينازعون في هذا الأمر ويقولون: إن صح الأجماع كان الأمرمصروفا من الوجوب إلى السنة والظاهر لزوم البقاء على الأصل وهو دلالة الأمر على الوجوب فتكون صلاة الكسوف واجبة لا سنة حتى يرد دليل صحيح يصرف الأمر من الوجوب إلى الندب كما تقرر في علم الأصول، وأما بالنسبه إلى صفة أدائها من السجود والركوع والتشهد والتسليم والتسميع عند الأعتدال فحكمها مثل حكم غيرها من الصلوات أي صفة تسبيح الركوع في صلاة الكسوف مثل غيرها من الصلاة تسبيح السجود مثل تسبيح غيرها من الصلاة وهكذا صفة التسليم والتشهد ومن المسائل المتفق عليها بين العلماء: قول المصلي عند اعتداله من الركوع (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) والهادويه يقولون: بأن المصلي يكبر في موضع التسميع إلا في الأخير ويقول المصلي (الله أكبر) عند أعتداله من الركوع فيقول المصلي في القيام من الركوع (الله أكبر) إلا في الأخير فإنه يقول (سمع الله لمن حمده) واحتجوا بأن هذه التسميعات ليس بعدها سجود كما قال في البحر الزخار وهذه الحجة من باب المناسب الملغي كما في ضوء النهار والمناسب الملغى لا يعمل به شرعاً كما حقق ذلك العلماء وكما تقرر في أصول الفقه لكونه مصادماً النص الذي روته عائشه المصرح بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) (٣) في جميع الاعتدالات بعد الركوع في صلاة الكسوف، وبناء على ذلك الأصح عندي هو قول


(١) صحيح البخاري: سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي الله عنها برقم (١٠٤٧).
(٢) صحيح البخاري: سبق ذكره في هذا الباب من حديث عروة عن عائشة رضي الله عنهما برقم (١٠٤٧).
(٣) صحيح البخاري: سبق ذكره في هذا الباب من حديث عروة عن عائشة رضي الله عنهما برقم (١٠٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>