للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحرمانه من بعض مطالب الجسد وشهوات النفس، كالصوم عن بعض الأطعمة دون بعض زمنا معيناً أو الصوم عن الكلام وقتاً معيناً ففي هذا وذاك تدريب للنفس على كسر شهواتها وفي الإسلام جاء الصوم محدد الزمان بشهر رمضان الكريم على هيئات وأوصاف معلومة هي انقطاع الجسد عن الطعام والشراب والاتصال بين الجنسين من الفجر حتى غروب الشمس هذه هي صورة الصوم، والصوم ليس مجرد جوع وعطش وحرمان وإنما هو رياضة نفسية لقتل شهوات كثيرة متحكمة على الإنسان وقتل آفات فتاكة متفشية في كيانه وذلك عن طريق هذه العبادة التي يقف فيها الإنسان كل يوم يلح عليه الجوع والعطش وبين يديه الطعام والماء ثم هو يعرض مختاراً عن الطعام والشراب ولو فعل لما كان لأحد عليه من سلطان إنما السلطان القائم هو سلطان ضميره وشعوره ووازع دينه بمراقبة الله له وهي جديرة أن تربي في نفس صاحبها الضمير الحي الذي يربي صاحبه ويوقف شهوته ويكسرها عندما يدعوه داعي الهوى إلى منكر، فمن صام ولم يجعل حساب هذا الصوم فقد بخس الصوم حقه وفوت على نفسه الخير الكثيرلقول الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (١) ولقول الرسول الكريم (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ بِأَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) (٢) ومما ورد في ثواب الصيام ما يلي:

قال: قال الله عز وجل: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ) (٣)

وعن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ومَن صامَ رمضانَ إِيماناً واحتِساباً غُفِرَ لهُ ما تَقدِّمَ مِنْ ذَنْبه) (٤) أخرجه الشيخان وأبو داود وابن ماجة والنسائي، وغيره من الأحاديث، ومعنى (إيماناً) أي تصديقاً لله وللرسول. (احتساباً) لوجه الله وحده.


(١) - البقرة: آية (١٨٣)
(٢) - صحيح البخاري: كتاب الصوم: باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم. حديث رقم (١٩٠٣) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ بِأَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ)
اخرجه أبوداود في الصوم، والترمذي في الصوم، وابن ماجه في الصوم.
(٣) - صحيح البخاري: كتاب الصوم: باب هل يقول إني صائم إذا شتم. حديث رقم (١٧٧١) بلفظ (عَنْ أَبِي صَالِحٍ الزَّيَّاتِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ)
أخرجه مسلم في الصيام، والترمذي في الصيام، والنسائي في الصيام، وأبوداود في الصيام، وابن ماجه في الصيام، وأحمد في باقي مسند المكثرين، ومالك في الصيام.
معاني الألفاظ: الجنة: الوقاية والحماية والستر. … الرفث: الفحش من القول أو الجماع. … الصخب: اختلاط الأصوات وارتفاعها. الخلوف: تغير رائحة الفم.
(٤) - صحيح البخاري: كتاب الصيام: باب من صام رمضان إيماناً واحتساباُ. حديث رقم (١٨٨٠) بلفظ (عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه عنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: مَنْ قامَ ليلةَ القَدْرِ إِيماناً واحْتِساباً غُفِرَ لهُ ما تَقَّدمَ مِنْ ذَنْبهِ، ومَن صامَ رمضانَ إِيماناً واحتِساباً غُفِرَ لهُ ما تَقدِّمَ مِنْ ذَنْبه).
أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، والترمذي في الصوم، والنسائي في الصيام، وأبو داود في الصلاة، وأحمد في باقي مسند المكثرين، والدارمي في الصوم.
أطراف الحديث: الإيمان، صلاة التراويح.
معاني الألفاظ: احتسابا: رجاء الثواب و الأجر من الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>