للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ: من أراد أن يأتي بمناسك الحج ومندوباته ومسنوناته على الصفة التي حج عليها الرسول -صلى الله عليه وسلم- فعليه أن يطلع إلى منى يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة صباحاً ويبقى فيه إلى اليوم الثاني وهو يوم عرفة، ثم يطلع يوم التاسع من منى إلى جبل عرفات ولكن لا يدخل عرفات مباشرة إذا وصل إليها ولو قبل الظهر بل المسنون الوصول إلى مسجد نمرة وهو تحت عرفة مباشرة فيصلي فيه الظهر والعصر قصراً وجمعاً كما فعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديث (ثُمَّ أَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا) وبعد أن يصلي الظهر والعصر يدخل عرفات يقف هناك إلى أن ينتهي اليوم كما في حديث (ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَذَهَبَتْ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ)، وعلى هذا الأساس يكون الحاج قد أدى الخمس الصلوات المذكورة في السؤال وهي الظهر والعصر والمغرب والعشاء من اليوم الثامن من شهر ذي الحجة والفجر من يوم التاسع في منى، ويكون قد أدى صلاة الظهر والعصر في مسجد نمرة ولم يدخل عرفات إلا بعد صلاتهما جمعاً وقصراً، فمن تمكن من ذلك كله فقد عمل المسنون ومن لم يتمكن من ذلك فلا جناح عليه وليس عليه أيُّ شيء لتركه مسنوناً أو بعض مسنون، وبناء على ذلك فمن لم يبق في منى من صباح يوم التروية إلى صباح يوم عرفه أو من لم يؤد الصلوات الخمس المذكورة في منى فقد ترك السنة وليس عليه إثم ولا ذنب لأنه لم يترك ركناً من أركان الحج ولا واجباً من واجباته وإنما ترك المسنون ومن ترك المسنون فلا إثم عليه ولا تلزمه أيُّ كفارة أو فدية لأنه إنما ترك مسنوناً ما دام قد وقف في جبل عرفات الذي هو أعظم ركن من أركان الحج وعمل جميع المناسك على الصفة المشروعة التي من أهمها طواف الزيارة الذي هو طواف الإفاضة والذي يكون بعد رمي الجمرات، علماً أن الحافظ الألباني يذهب إلى وجوب المكث في منى يوم التروية عملاً بما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث (لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ) (١).


(١) - صحيح مسلم: كتاب الحجـ: باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا. حديث رقم (١٩٧٠) بلفظ (عن أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَيَقُولُ: لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ).
أخرجه النسائي في مناسك الحج، وأبو داود في المناسك، وأحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة.
معاني الألفاظ: الراحلة: الناقة التي يركب عليها. يوم النحر: يوم عيد الأضحى. المناسك: أعمال الحج والعمرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>