للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ: هذه العقيدة لا أصل لها من الكتاب ولا من السنة ولا من الإجماع وليست من الدين الإسلامي في شيء وإنما هي من جملة الخرافات والأباطيل والترهات التي لا يشهد لها العقل ولا النقل بل هي من البدع المحدثة في الإسلام ومن الشعوذة التي ما أنزل الله بها من سلطان ولا دخل للوقت الذي وقع فيه العقد لهذا الرجل بهذه المرأة أبداً ومن أفتى الزوج بأن المانع للزوجة من أن تلد هو أن العقد للزوج بهذه المرأة كان في وقت الزوال فليس بمفت ولا عالم ولا فقيه وليس لفتواه هذه أيُّ مستند من كتاب الله ولا من سنة رسوله ولا من إجماع أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- ولا من القياس الشرعي الصحيح الجامع لشروط القياس ولا من قول أحد من علماء الإسلام لا الإمام الشافعي ولا الإمام زيد بن علي ولا الإمام أبو حنيفة ولا الإمام مالك ولا الإمام أحمد بن حنبل ولا الإمام داوود الظاهري ولا الإمام جعفر الصادق ولا غيرهم من أتباع المذاهب الإسلامية المشهورة لأن المفتي إما أن يكون مجتهداً فالمجتهد إذا أفتى فإنه يقرن فتواه بدليل من الأدلة الشرعية أو يكون مستعداً لذكر الدليل على ما ذهب إليه في فتواه، وإما أن يكون مقلداً والمقلد إذا أفتى فإنه يقرن فتواه بكلام من كلام إمام من أئمة المذاهب الإسلامية المتبوعة أو يكون مستعداً لنقل كلام إمام من هؤلاء الأئمة رحمهم الله أو على الأقل يكون مستعداً لأن ينسب فتواه إلى نص كتاب من كتب الفقه الزيدي أو الشافعي أو الحنفي أو الحنبلي أو المالكي أو الظاهري أو الجعفري ونحن إذا طالبنا هذا المفتي بدليل فإنه لا يتمكن من إخراج دليل يدل على هذه الفتوى لا من الكتاب ولا من السنة ولا من الإجماع ولا من القياس فليس هو من العلماء المجتهدين، وهكذا إذا طالبناه بأن ينقل لنا كلاماً من كلام الفقهاء الذين ألفوا في فروع الفقه الإسلامي لا يستطيع أن ينقل لنا أيَّ كلام من كلام الفقهاء لا الزيدية ولا الشافعية ولا الحنفية ولا غيرهم من فقهاء المسلمين وبناءً على ذلك فليس المفتي لهذه الفتوى من الفقهاء المقلدين أبداً، وإذا لم يكن من العلماء المجتهدين ولا من الفقهاء المقلدين فهو مشعوذ كذاب ومبتدع في الدين ما ليس من الدين وقد قال الرسول الأعظم محمد -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ) (١). وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) (٢) كما أنه أيضاً دجال ومنجم والدجل والتنجيم محرمان شرعاً ومن قصد الدجال أو المنجم أو الكاهن أو العرَّاف ليسأله عن شئ فأخبره بشيء من الأشياء التي لا أصل لها في الشرع ولا في العقل ولا يؤيدها الدليل ولا الطب وصدقه فيما يقوله فهو آثم بذلك القصد وبالتصديق لما يقوله المنجم أو الكاهن أو العراف وقد جاء في الحديث الصحيح المرفوع إلى الرسول الأعظم -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (مَنْ أَتَى كَاهِنًا قَالَ مُوسَى فِي حَدِيثِهِ فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، ثُمَّ اتَّفَقَا أَوْ أَتَى امْرَأَةً قَالَ مُسَدَّدٌ امْرَأَتَهُ حَائِضًا، أَوْ أَتَى امْرَأَةً قَالَ مُسَدَّدٌ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا، فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أُنْزِلَ


(١) - صحيح البخاري: كتاب الصلح: باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود. حديث رقم (٢٦٩٧) بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ).
أخرجه مسلم في الأقضية، وأبو داود في السنة، وابن ماجة في المقدمة، وأحمد في باقي مسند الأنصار.
(٢) صحيح مسلم: كتاب الجمعة: باب تخفيف الصلاة والخطبة. حديث رقم (١٤٣٥) بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ، وَيَقُولُ: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَيَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ).
أخرجه النسائي في صلاة العيدين، وأبو داود في الخراج والإمارة والفيء، وابن ماجة في المقدمة، الأحكام، وأحمد في باقي مسند المكثرين، والدارمي في المقدمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>