للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاضل شرعاً والعاضل في الشرع تنتقل ولايته على ابنته أو قريبته بأدنى عضل يقع منه إلى من يليه من الأقارب الأقرب فالأقرب فإن امتنع الأقرب عن العقد أو كان غائباً انتقلت الولاية إلى من بعده من الأولياء فإن لم يكن لها ولي غيره أو كان لها ولي آخر أو أولياء آخرون وامتنعوا جميعاً عن العقد بها أو كانوا غائبين الغيبة المحدودة في كتب الفقه، فالولاية تنتقل إلى القاضي الشرعي في المنطقة يعرف الحقيقة ويجري اللازم فهو ولي من لا ولي له من النساء في النكاح وولي من عضلها وليها أو أولياؤها من عقد النكاح ممن قد رضيت به زوجاً من الأكفاء من الناحية الأخلاقية والدينية كمافي حديث (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) (١) وسواء كان الولي قد امتنع عن تزويج ابنته أو قريبته نتيجة لطمعه بالمال الزائد أو الشرط الزائد أو كان نتيجة للخوف من أن تخرج التركة من ملكة إلى ملك ابنته بعد موته فيرثها زوجها وأولادها منه بعد موتها أو كان السبب هو غير هذين السببين من الأسباب التي تمنع الولي من زواج قريبته حتى تحرم من الزواج ويذهب شبابها وهي عانس فتتقدم في العمر تقدماً يجعل الرجال يرغبون عنها إلى حد أنها تصير ضحية الطمع وحب المال أو الحرص على بقاء التركة في يد أولاد الولي من الذكور ثم أولادهم وتكون العاقبة في بعض الأحيان وخيمة، حيث يموت وليها وتبقى فقيرة لا زوج يعولها ولا أبناء يقومون بواجب الإنفاق عليها كما تكون العاقبة في بعض الأحيان أنها تنحرف بأن يغويها الشيطان بالاتصال المحرم نتيجة لقوة الغريزة الجنسية أيام الشباب ولا سيما إن كانت فارغة لا عمل يلهيها وخصوصاً إذا كانت في نعيم ورفاهية بحيث لا تفكر في أيِّ شيء من الضروريات أو الكماليات إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أيَّ مفسدة، فالشباب والغناء والفراغ قد تكون هذه العوامل مدعاة للشر ويكون الولي العاضل لقريبته عن الزواج مسئولاً أمام الله عن أيِّ جريمة تحصل من المرأة ولا تكون وحدها هي المسؤلة أمام الله إذا عملت أيِّ عمل محرم أو غير مشروع أو انحرفت عن سلوكها وأصبحت في عداد المومسات والعياذ بالله، بل يشاركها في الإثم وفي الجريمة وليها الذي عصى الله بامتناعه عن زواجها نتيجة الجشع والطمع وحب المال أو الحرص على التركة غير مبال بمخالفته لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا بما يلحقه من الخزي والعار في الدنيا والعذاب في الآخرة وهذا هو معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- (إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) ولهذا نهى الله الأولياء عن عضلهم بمن قد رضيت به قريبته زوجاً لقوله تعالى {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} (٢) وقرر العلماء انتقال الولاية من العاضل إلى من يليه فوراً ثم أخيراً إلى القاضي الشرعي يتولى عقد البالغة العاقلة الراضية بالزواج بمن هو كفؤ لها من الناحية الأخلاقية والدينية سواء رضي الولي أو لم يرض فلم يبق له حقٌ في الولاية عليهالحديث (فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ) (٣) أما إذا كان الزوج غير كفؤ للمرأة من ناحية الدين والأخلاق ورفض الولي العقد لقريبته بهذا الخاطب الذي ليس بكفؤ لهذه المرأة فلا يسمى عاضلاً ولا تنتقل ولاية عقد النكاح منه إلى من يليه من الأولياء أو إلى القاضي الشرعي المولى ولا حق لأحد من الأقارب أن يعقد لها لكونه في هذه الحالة


(١) سنن الترمذي: كتاب النكاح: حديث رقم (١٠٠٤) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم (١٠٨٤).
أخرجه ابن ماجة في النكاح.
معاني الألفاظ: عريض: كبير
(٢) - البقرة: آية (١٣٢).
(٣) سنن الترمذي: سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي الله عنها بتصحيح الألباني للحديث في صحيح سنن الترمذي برقم (١١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>