للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آله توجب على الرجل نحو زوجته (النفقة والكسوة والعلاج والمسكن مع الاتصال الجنسي وغير ذلك) كما توجب عليه أيضاً مطلوب آخر ليس بمادي وإنما هو معنوي وهو (المعاشرة الحسنة بالكلمة الطيبة والبسمة والمعاملة الودودة والأخلاق الكريمة والرحمة والحنان والشفقة واحترامها كإنسان له روح وإحساس والمداعبة اللطيفة التي تطيب النفس ويذهب بها الغم وتسعد بها وإذا أخطأت كلمها بلين ورفق لا بعجرفة ولا بتكبر وإذا أساءت وغضب عليها فليرجع عن غضبه في أقرب وقت ممكن لأن المرأه ليست معصومة عن الخطأ) والدليل على ما ذكرته هو أن القرآن الكريم قد ذكر الزواج باعتباره آية من آيات الله في الكون ونعمة من نعمه تعالى على عباده حيث يقول {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (١) فمن تأمل هذه الآية يعرف من خلالها أن الله -سبحانه وتعالى- قد جعل من أهداف الحياة الزوجية أومقوماتها السكون النفسي والمودة والرحمة بين الزوجين فهي كلها مقومات نفسية لا مادية ولا معنى للحياة الزوجية إذا تجردت عن هذه المعاني السامية وأصبحت مجرد أجسام متقاربة وأرواح متباعدة كما أن السنة المحمدية تحكي لنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أحسن الناس وأخيرهم لأهله كما في حديث (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) وأنه كان مع أهله حسن المعاشرة حسن الخلق كما لا يخفى على من اطلع على كتب السيرة النبوية والشمائل المحمدية على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام.

كما أن بعض النساء يتوهمن أن واجبات المرأة نحو زوجها هو طاعته فيما يتعلق بالاتصال الجنسي أو في القيام بأعمال وتربية الأطفال وليس وراء ذلك شئ مع أن الواجبات على المرأة غير منحصرة في هذه الأشياء المادية بل هناك واجب عليها نحو زوجها من الناحية النفسية وهي أن تبش في وجهه وتلاطفه بالكلمة الطيبة وإذا لزم الأمر إلا أن تعاتبه فتعاتبه برفق ولين ولطف وإذا لزم الأمر إلى أن تطلب منه أيَّ مطلب مادي فتأتي في الأوقات المناسبة فأكثر الرجال الذين لا يلبون طلبات زوجاتهم ليس الحامل لهم على عدم تلبية الطلب هو البخل أو الحرص على المال ولكن السبب الحامل لهم هو عدم أسلوب بعض النساء في المطالبة بما تحتاجه من المطالب المادية الضرورية أو الكمالية وذلك بعدم الملاحظة للأوقات المناسبة أو بعدم ملاحظة العبارات اللطيفة التي تتمكن المرأه بواسطتها من تحقيق رغبتها والوصول إلى ما تطلبه من الضرورات والكماليات، وكم قد حصل بين زوجين متحابين سوء تفاهم بسبب عدم سوء تعبير المرأة في مطالبها لزوجها أو لعدم اختيارها للوقت المناسب لمطالبتها فبعض المشاكل التي تحدث بين الزوجين ترجع في بعض الأحيان إلى شراسة أخلاق المرأة وعدم احترامها وتقديرها لزوجها بصفته هو القوام عليها لقوله تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (٢) كما ترجع في بعض الأوقات أيضاً إلى كبرياء بعض الرجال وعجرفتهم وعدم حنانهم ورحمتهم لنسائهم بصفتهن أسيرات لديهم وعلى هذا الأساس نوصي هذا الزوج الذي تستقبله زوجته فيبصق في وجهها ثلاثاً بأن يرحم زوجته ويعاشرها معاشرة حسنة بالكلمة الطيبة والبسمة المشرقة والمعاملة الودودة والكلام اللين اللطيف الذي تطيب به النفس ويذهب به الغم وتسعد به الحياة بدلاً من أن يقابلها بوجه مكفهر عبوس أو أن يبصق في وجهها ثلاث مرات بغير سبب على حد العبارة الواردة في الاستفتاء إذا صح ما جاء في هذا السؤال لأن المرأة ذات روح وإحساس تتألم مثل الرجل وتحس كما يحس الرجل بل إن المرأة أشد إحساساً من الرجل بالفعل الجارح أو الكلام الجارح وقدحث الرسول صلى الله عليه وسلم


(١) الروم: آية (٢١)
(٢) - النساء: آية (٢٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>