للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) وللزوج أن يمنعها من الخروج إلا بإذنه لحديث (إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ زَوْجَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا) (١) ولحديث (إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ) (٢)، أما إذا كان الخروج من بيته إلى بيت والدها للمرض أو الموت فلا أظن أن للزوج أيَّ حق في منعها من الخروج من منزله إلى منزل والدها لزيارته إذا كان والدها مريضاً مرضاً مخوفاً لأن روح الدين الإسلامي الحنيف العطف والتراحم وملاحظة تحسين العلاقة فيما بين الزوجين والعادات والأعراف كلها تقضي بعدم منع الرجل زوجته من زيارة والدها المريض مرضاً خطيراً، ومن الممكن القول بأن الأدلة الدالة على أن للرجل منع المرأة من الخروج من منزله إلى منزل آخر أو إلى محل ما لا يشمل كل الخروج حتى لزيارة والدها المريض مرض خطير في منزل قريب من منزلها بحيث لا تحتاج عند خروجها لزيارته إلى محرم أو مرافق فالعرف والعادة تقضيان بعدم منعها من الخروج للزيارة، وقد قال تعالى {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (٣)

س: رجل يمنع زوجته من الخروج إلى أيِّ مكان ويهددها دائماً إذا خرجت بالطلاق ثلاثاً، فما حكم الشرع في مثل هذا الرجل؟

جـ: لا مانع للزوج من منع زوجته من الخروج من البيت لحديث (إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ زَوْجَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا) ولحديث (إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ) وليس له أن يهددها بالطلاق البائن أو الرجعي فالطلاق شرعه الله لقطع العلاقة فيما بين الزوجين عند الضرورة لا للتهديد والتخويف والوعيد، لكن ليس للزوج منع زوجته على جهة الدوام والاستمرار وليس له منعها من الخروج إذا كان خروجها للضرورة أو لمناسبة اجتماعية أو لغير ذلك بحسب العرف الجاري في المنطقة وبمقتضى العادة السائدة في البلد الذي يعيش فيه الزوجان لقوله تعالى {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}.

س: رجل زوج ابنته بمبلغ كبير من المال ثم أمرها أن تبقى لديه لتخدمه ثم أنها تتدعي الحرية فتخرج من بيت زوجها في الصباح ولا تعود إليه إلا في المساء؟

جـ: اعلم أن من زوج ابنته من أيِّ رجل فعلى الزوجة أن تطيع زوجها وليس على الأب أن يلزمها بترك زوجها وببقائها لدى والدها لتخدمه سواء كانت تزوجت بمبلغ يسير أم بمبلغ كبير اللهم إلا للضرورة أو في بعض الأيام لمناسبة تستدعي ذلك فلا مانع لها من أن تذهب إلى بيت والدها للخدمة هناك بحسب العادة وبمقتضى العرف


(١) صحيح البخاري: كتاب النكاح: باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره. حديث رقم (٤٩٤٠) بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ زَوْجَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا).
أخرجه مسلم في الصلاة، والترمذي في الجمعة عن رسول الله، والنسائي في المساجد، وأبو داود في الصلاة، وابن ماجة في المقدمة، وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة، والدارمي في المقدمة، الصلاة.
طراف الحديث: الأذان، الجمعة.
(٢) - صحيح البخاري: كتاب تفسير القرآن: باب قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا إن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه. حديث رقم (٤٥١٧) بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا، وَكَانَتْ امْرَأَةً جَسِيمَةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا سَوْدَةُ أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ، قَالَتْ: فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ، فَدَخَلَتْ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَقَالَ لِي عُمَرُ: كَذَا وَكَذَا قَالَتْ: فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ).
أخرجه مسلم في السلام، وأحمد في باقي مسند الأنصار.
أطراف الحديث: الوضوء، النكاح، الاستئذان.
(٣) - الأعراف: آية (١٩٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>