للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاً، وهكذا نقول الطلاق لا يكون إلا برضاء الزوج واختياره ولا ينفذ الطلاق من الزوج إذا كان مكرهاً بخلاف الفسخ، ومن الحالات التي يجوز للمرأة أن تطلب فسخ عقد نكاحها من زوجها إذا تزوجت وهي صغيرة لم تبلغ الحلم أو كانت مجنونة جنوناً أصلياً أو جنوناً طارئاً فلها الحق في المطالبة بفسخ عقد نكاحها عند بلوغها إن زوجها وليها وهي صغيرة أو عند أن تعرف أنه زوجها وليها وهي مجنونة لأنه ببلوغ الزوجة أو برجوع عقلها يتجدد لها الخيار كما نص على ذلك، وقد تفسخ الزوجة عقد نكاحها من زوجها لكونه متمرداً على الإنفاق عليها أو لكونه عاجزاً عن الإنفاق عليها أو لكونه مفقوداً وقد مضى على غيابه عامان حسب اختيارات وزارة العدل أو عند حصول الضرر عليها كما اختاره الشوكاني رحمه الله، وقد يكون الفسخ في بعض الأحيان حقاً للزوجة وحقاً للزوج أيضاً وذلك إذا كان الفسخ بعيب من العيوب التي يفسخ بها عقد الزواج بطلب من الزوجة أو بطلب من الزوج وهي على ثلاثة أنواع:

نوع يكون عيباً من عيوب الزوجة مثل القرن والرتق والعفل.

ونوع يكون من عيوب الزوج مثل الجب والخصي والعنيين.

ونوع يكون في الزوجين معاً وهي الجنون والجذام والبرص والرتق وعدم الكفاءة.

وهذا ما ذهب إليه الهادوية، وللعلماء في الفسخ بالعيب كلام طويل، وقد يكون الفسخ لأمور عارضة إذا حصل واحد منها كان سبباً لفسخ عقد النكاح رضي الزوجان أم كرهاً لأن هذه الأسباب ليست تحت إختيار الزوج ولا تحت إختيار الزوجة، بل هي طارئة على الزوجين موجبة لفسخ عقد النكاح فوراً والتفريق بين الزوجين بعد صحة وقوع واحد من الأسباب الآتي سردها وهي كما يلي:

أولاً: عند تجدد إختلاف الملتين بين الزوجين فمهما صح بأن الزوجة إرتدت لقوله تعالى {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} (١) ولقوله تعالى {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (٢)

ثانياً: بتجدد الرق على الزوجين أو على أحدهما لأن العبد لا يجوز له أن يتزوج إلا بإذن مالكه والجارية المملوكة تصبح ملكاً لمن صح أنه مالكها ولا يبقى لزوجها أيُّ حق فيها ولهذا يفسخ عقد النكاح إذا انكشف أن الزوج عبد وليس بحر أو أن الزوجة جارية وليست بحرة كما قرره العلماء.

ثالثاً: بعتق الزوجة لما جاء في حديث (بريرة) زوجة (مغيث) وهو بلفظ (أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِعبَّاسٍ يَا عَبَّاسُ أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا؟!! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ رَاجَعْتِهِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ، قَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ).

رابعاً: بانكشاف الرضاع، والرضاع يجعل المرأة من محارم الرجل المتزوج بها لأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب لحديث (يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ) (٣) فإذا تزوج رجل بامرأة وأنكشف أن هذه المرأة أخت


(١) الممتحنة: الآية (١٠).
(٢) - الممتحنة: الآية (١٠).
(٣) - صحيح البخاري: كتاب الشهادات: باب الشهادة على الأنساب والرضاع. حديث رقم (٢٤٥١) بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي بِنْتِ حَمْزَةَ، لَا تَحِلُّ لِي، يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ، هِيَ بِنْتُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ)
اخرجه مسلم في الرضاع، والنسائي في النكاح، وابن ماجه في النكاح، وأحمد في ومن مسند بني هاشم.

<<  <  ج: ص:  >  >>