للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخواتمهن، قال بعض العلماء ففي هذا الحديث ما يدل على عدم وجوب تغطية الوجه واليدين والحديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم، وهناك أدله أخرى استدلوا بها على عدم وجوب تغطية الوجه وأن الحجاب يكون على الرأس والعنق والصدر والساعدين والساقين، وأما الوجه واليدين فهما خارجان عن الحجاب، كما احتج الآخرون القائلون بأن الحجاب هو تغطية جميع بدن المرأة حتى الوجه واليدين بأدلة شرعية صحيحة وذلك كحديث ابن عمر مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفاز) (١) أخرجه البخاري وغيره و (القفاز) هو ما تلبسه المرأه في يدها فيغطي أصابعها وكفيها والساعد أحيانا من البرد أو عند معاناة العمل كالغزل ونحوه، قالوا فهذا الحديث يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللائي لم يحرمن، وأيضاً قالوا إن كشف المرأة وجهها مظنة لحصول شهوة لدى من يراها كاشفة وجهها أو حصول حب قد يكون سبباً للدخول في المحظور ولا سيما إن كانت المرأة شابة جميلة وهناك أدلة أخرى تدل على أن الحجاب يعم تغطية جميع أعضاء المرأة حتى وجهها ويديها وبناءً على ذلك كله فمن كشفت رأسها أو عنقها أو ظهرها أو ساعدها أو ساقيها أمام الرجال الأجانب فهي آثمة شرعاً لمخالفتها الأدلة الشرعية من الكتاب منها قوله تعالى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} والسنة منهاحديث (كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَشْعَمَ فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ) وحديث (لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفاز) والإجماع الدالة على وجوب ستر المرأة أعضائها المذكورة آنفاً سواء كانت المرأة هذه من سكان المدن أم من سكان الريف ومن سترت جميع أعضائها ما عدا الوجه والكفين فقد عملت الحجاب على مذهب من يجعل الحجاب غير شامل للوجه ولا الكفين ممن احتج بحديث جابر المذكور سابقاً وغيره من الأدلة المذكورة في المطولات وقلدت من قال بهذا القول من أئمة المذاهب الفقهية


(١) - صحيح البخاري: كتاب الإحصار وجزاء الصيد: باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة وقالت عائشة رضي الله عنها لا تلبس المحرمة ثوبا بورس أو زعفران. حديث رقم (١٧٤١) بلفظ (عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قام رجل فقال: يا رسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا تلبسوا القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس إلا أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس الخفين وليقطع أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا شيئا مسه زعفران ولا الورس، ولا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين).
أخرجه مسلم في الحج، والترمذي في الحج عن رسول الله، والنسائي في مناسك الحج، وأبو داود في المناسك، وابن ماجة في المناسك، وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة، ومالك في الحج، والدارمي في المناسك.
أطراف الحديث: الصلاة، الحج، اللباس.
معاني الألفاظ: البرنس: ثوب ملتصق به غطاء للرأس. الزعفران: نوع من أنواع الصبغة.
الورس: نبت أصفر طيب الرائحة يصبغ به. … تنتقب: تحتجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>