للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ) (١) وحديث (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً) (٢).

الثاني: أن هذا ليس من باب التصوير بل من باب الحبس للصورة، وقد أجيب عن هذا الجواب بأن التصوير الفوتغرافي أو التصوير الشمسي هو مثل التصوير بالريشة أو بالقلم فالكل صوره لغة وعرفاً لأن من يعمل هذه العملية بآلة التصوير يسمى مصوراً لغة وشرعاً.

الثالث: أن الأحاديث الدالة على التحريم هي من الأحاديث الأحادية والأحاديث الأحادية لا تفيد القطع ولا يمكن أن ينسب إلى الإسلام تحريم فن من الفنون الجميلة إلا بدليل قطعي، وقد أجيب عن هذا الجواب بجوابين: أحدهما أن الأحاديث الأحادية يعمل بها في جميع الأحكام الشرعية سواء كانت من باب العبادات أو المعاملات وسواء كانت المعاملات من الأحوال الشخصية أو من الأحوال المدنية أم من الأحوال الاجتماعية أو الجنائية أو من الأمور السياسية الدولية ولا يشترط العلماء في الأحاديث التي يحتجون بها في هذه الأبواب أن تكون متواترة بل ولو كانت أحاديه مهما كانت حسنه أو صحيحة، وأكثر الأحكام الشرعية في جميع الأبواب المذكورة آنفاً أحادية، والمتواتر هو القليل، والجواب الثاني أن أحاديث النهي عن التصوير أو المحرَّمة للتصوير قد بلغت حد التواتر جاءت عن ابن عمر وابن عباس وعن أبي سعيد وعائشة وأبي هريرة عند الشيخين، وعلي عند مسلم وجابر عند الترمذي وعن أسامه عند أبي داود وعن غيرهم، والتواتر يثبت بأقل من هؤلاء الجماعة، هذا ما رد به أهل القول الثاني وهم المانعون للتصوير إلا لضرورة أو مصلحة على أهل القول الأول المجوزين للتصوير مطلقاً.

والرابع: هو أن الأحاديث الدالة على تحريم التصوير قد أشارت بعضها إلى العلة التي من أجلها كان التصوير حراماً وهو قوله -صلى الله عليه وسلم- (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً) والمصورون الآن لا يصورون الصور لأجل هذه العلة وهي المضاهاة بما خلقه الله فإذا انتفت العلة انتفى المعلول، وأجيب بأن العلة في التحريم ليست هي المضاهاة بخلق الله فقط بل هناك عله أخرى وهي خشية أن تعبد الصورة من دون الله،


(١) صحيح البخاري: كتاب البيوع: باب التجارة في بيع ما يكره لبسه الرجال والنساء. حديث رقم (١٩٦٣) بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْهُ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟ قُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ، وَقَالَ: إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ).
أخرجه مسلم في اللباس والزينة، وأحمد في باقي مسند الأنصار، ومالك في الجامع.
أطراف الحديث: بدء الخلق، النكاح، اللباس، التوحيد.
معاني الألفاظ: النمرقة: الوسادة التي يجلس عليها.
(٢) صحيح البخاري: كتاب اللباس: باب نقض الصور. حديث رقم (٥٤٩٧) بلفظ (حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ دَارًا بِالْمَدِينَةِ فَرَأَى أَعْلَاهَا مُصَوِّرًا يُصَوِّرُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، ثُمَّ دَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ حَتَّى بَلَغَ إِبْطَهُ، فَقُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ مُنْتَهَى الْحِلْيَةِ).
أخرجه مسلم في اللباس والزينة، وأحمد في باقي مسند المكثرين.
أطراف الحديث: التوحيد.
معاني الألفاظ: التور: قدر كبير يصنع من الحجارة ونحوها.

<<  <  ج: ص:  >  >>