للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعليقاته على كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لابن الجوزي قلت وقد صرح بقية بالحديث عند ابن السني وابن أبي حاتم ومع ذلك ذكر عن أبي زرعة أنه قال هذا حديث لا أصل له يسمع بقية هذا الحديث من عبد العزيز إنما هو عن أهل حمص وأهل حمص لا يميزون هذا، ولا يشهد لهذا الحديث حديث كان رسول الله لا يأذن لمن لم يبدأ بالسلام لأنه أيضا حديث واه عده ابن الجوزي من الواهية في كتابه (العلل المتناهية) وقال فيه هذا حديث لا يصح قال ابن حبان إبراهيم (أبي إبراهيم بن يزيد الخوزي) (الراوي عن أبي الزبير هذا الحديث) يروى عن أبي الزبير وغيره مناكير كبيرة حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها، وقال يحيى ليس بثقة وسواء أكانت هذه الأحاديث من الأحاديث الضعيفة أو الحسنة أو الموضوعة فقد ورد في موضوع مشروعية السلام عدة أحاديث صحيحة مذكورة في دواوين السنة النبوية بعضها يصرح بأن السلام من حق المسلم على المسلم، وبعضها يأمر المسلمين بأن يفشوا السلام، وبعضها يرغب النبي -صلى الله عليه وسلم- في السلام، بل قد ورد في الموضوع آيات قرآنية كقوله تعالى {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} (١) وكقوله تعالى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ … فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ … عَلَى كُلِّ … شَيْءٍ حَسِيبًا} (٢) وكقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (٣) بل جاء في القرآن ما يدل على أن السلام مشروع قديم حيث أن الملائكة عند أن زاروا إبراهيم الخليل بدأوه بالسلام كما في قوله تعالى {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} (٤) قال سلام كما جاء في الحديث إن الله أمر آدم بأن يسلم على الملائكة فجاءهم آدم فقال لهم السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله فزادوه رحمه الله كما في حديث أبي هريرة مرفوعاً إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند البخاري ومسلم بلفظ (خَلقَ اللهُ آدمَ وطولهُ سِتُّونَ ذِراعاً، ثم قال: اذهَبْ فسلمْ على أُولئكَ منَ الملائكة فاستمِعْ ما يُحيُّونَك، تحيَّتُك وتحيَّة ذُرِّيتكَ، فقال: السَّلام عليكم فقالوا: السلامُ عليكَ ورحمة اللهِ، فزادوهُ: ورحمةُ اللهِ) (٥) وبناءً على ذلك فالسلام مشروع بأدلة الكتاب والسنة كما أجمع على مشروعية السلام علماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لأن فيما جاء في القرآن وفي صحيح السنة ما يكفي في الاحتجاج على أن المشروع عند اللقاء هو (السلام) لا غيره من الكلمات التي اعتاد الناس التحية بها مثل (أسعد الله صباحكم) أو (صبحكم الله بالخير والعافية) أو (مساك الله بالخير) أو نحوها من الكلمات التي لم يرد فيها حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف، وعلى هذا الأساس فالمشروع للمسلم أن يقول لصاحبه المسلم عند اللقاء به أو عند الدخول إلى بيته أو مكتبه أو دكانه أو إلى أيِّ محل يجده فيه (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) أحسن من أن يقول له (صباح الخير) أو (أسعد الله صباحكم) أو (مساكم) ولا مانع من أن يجمع بين التحيتين على أن يبدأ أولاً بالسلام ثم يقول له (أسعد الله


(١) النور: آية (٦١)
(٢) النساء: آية (٨٦)
(٣) -النور: آية (٢٧)
(٤) الذاريات: آية (٢٤، ٢٥)
(٥) - صحيح البخاري: كتاب بدء الخلق: باب بدء خلق آدم وريته. حديث رقم (٣٢٥٦) بلفظ (عن أبي هريرةَ -رضي الله عنه- عنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: خَلقَ اللهُ آدمَ وطولهُ سِتُّونَ ذِراعاً، ثم قال: اذهَبْ فسلمْ على أُولئكَ منَ الملائكة فاستمِعْ ما يُحيُّونَك، تحيَّتُك وتحيَّة ذُرِّيتكَ، فقال: السَّلام عليكم فقالوا: السلامُ عليكَ ورحمة اللهِ، فزادوهُ: ورحمةُ اللهِ، فكلُّ مَنْ يَدخُلُ الجنةَ على صورةِ آدمَ، فلم يَزَلِ الخَلقُ يَنقُصُ حتى الآنَ).
أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، وأحمد في باقي مسند المكثرين.
أطراف الحديث: الاستئذان.

<<  <  ج: ص:  >  >>