وعلى آله أفضل الصلاة والسلام لا بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف لا في الأمهات الست ولا في غيرها من المجاميع والمسانيد والسنن أو غيرها من مؤلفات المتقدمين، كما لم أقف عليه في الكتب الجامعة لأحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم المشهورة أو المرتبة على الحروف، وقد ذكره أخيراً العلامة (أحمد بن الصديق الغماري) أحد علماء المغرب الأقصى المتخصصين في علوم الحديث ممن أدركت عصرهم في رسالة خاصة جعل عنوانها (إياك أن تغتر بحديث اعمل لدنياك) قرر في هذه الرسالة عدم وجود أصل لهذا الحديث بهذا النص مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما ذكره العلامة المعاصر (محمد ناصر الدين الألباني) الحافظ المشهور في المجلد الأول من كتابه المشهور بـ (الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة) برقم ثمانية وفي الصفحة العشرون وصرح في أول كلامه عنه بأنه لا أصل له مرفوعاً وإن اشتهر على الألسنة في الأزمنة المتأخرة حتى أن الشيخ (عبد الكريم العامري) المغربي لم يورده في كتابه (الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث) إلى آخر كلامه والذي خلاصته أنه قد جاء في الأثر عن عبدالله بن عمر أنه قال (أحرث لدنياك كأنك تعيش أبداً إلى آخره) أخرجه (ابن قتيبة) في (غريب الحديث) ولكنه لا يصلح أن يكون شاهداً لهذا الحديث لوجوه ثلاثة:
الأول: أنه بلفظ (احرث) لا بلفظ (اعمل)
الثاني: أنه موقوف على ابن عمر وليس مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
الثالث: أن في سنده (عبدالله بن العيزار) ولم نجد من ترجمه كما جاء من حديث (عبدالله بن عمرو بن العاص) مرفوعاً عند (ابن المبارك) في هذا بلفظ (إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك فإن المنبتَّ لا سفراً قطع ولا ظهراً أبقى، فاعمل عمل امرئ يظن أنه لن يموت أبداً، واحذر حذر امرئ يخشى أن يموت غداً) يمكن أن يكون شاهداً للحديث المسئول عنه حيث والنصف الثاني من هذا الحديث يدل على معنى مقارب لمعنى الحديث المسئول عنه ولكنه لا يصلح أن يكون شاهداً له لوجوه ثلاثة:
الأول: أن في سنده (مولى عمر بن عبدالعزيز) وهو مجهول ولا يحتج بحديث في سنده مجهول.
الثاني: أن في سنده (أبو صالح) كاتب (الليث) واسمه (عبدالله بن صالح) وهو ضعيف ولا حجة في حديث أحد رواته ضعيف.
الثالث: أن سياق الحديث لا يدل على معنى الحديث المسئول عنه حيث والسياق يدل على أن العمل المراد به العمل للآخرة لا العمل للدنيا، وأن الغرض منه هو الحضُّ على الاستمرار برفق في العمل الصالح وعدم الانقطاع عنه فهو كقوله صلى الله عليه وآله وسلم (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ، وَقَالَ: اكْلَفُوا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ) أخرجه البخاري.
هذا خلاصة كلام الحافظ (الألباني) حفظه الله، وقد جاء في حديث أبي هريرة مرفوعاً عند (القضاعي)(أصلحوا دنياكم واعملوا لآخرتكم كأنكم تموتون غداً) كما جاء أيضا بهذا اللفظ عند (الديلمي) في (مسند الفردوس) من حديث أنس مرفوعاً ولكنه لا يصلح أن يكون شاهداً للحديث المسئول عنه لوجوه ثلاثة:
الأول: أن في سند حديث أبي هريرة (سليمان ابن أرقم) وهو ضعيف جداً.
الثاني: أن في سنده أيضا (مقدام بن داود) وهو أيضا ضعيف جداً وهكذا في حديث أنس (زاهر بن طاهر الشحامي) قال في (الميزان) كان يخل بالصلوات فترك الرواية عنه جمع كما فيه أيضا راوٍ مجهول.