(أيوب) فهو من قسم الحديث المدرج والمدرج ليس بحجة لكونه زائداً على الحديث من كلام التابعي وتلميذه كما قرر ذلك علماء مصطلح الحديث.
الوجه الثاني: أنه ورد عن المذكورين بلفظ الترجي وهو لفظ (لعله) و (عسى) لا بصيغة القطع كما نص على معنى ذلك الحافظ الألباني رحمه الله على عدم صحة ما روي عن عبدالله بن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع للمطر وهو الحديث الذي ذكره صاحب الوجيز وقال عنه الحافظ ابن حجر في تخريج الوجيز ليس له أصل كما نقله عنه الألباني رحمه الله في تمام المنة بعد أن نص على أن عزو سيد سابق الحديث للبخاري خطأ لا ريب فيه وبعد أن قال (بل أشك أن يكون له أصل في شيء من كتب السنة المتداولة اليوم فإني لا أذكر أني رأيت حديثاً بهذا المعنى وقد راجعت الآن مكانه فلم أجده ولو كان له أصل لكان العلماء المحدثون أوردوه في باب جمع المقيم بمصر كما لجأوا إلى الإحتجاج بغيره ما ليس في صراحته إلى آخر كلامه نفع الله بعلومه وأطال عمره)، وأما ما نقله سيد سابق في فقه السنة عن الأثرم أنه روى عن أبي سلمه بن عبد الرحمن أنه قال: السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء فقد أجاب عنه الألباني في إرواء الغليل تخريج أحاديث منار السبيل بقوله لم أقف على سنده لأنظر فيه ولا من تكلم عليه، وأبو سلمه بن عبد الرحمن تابعي وقول التابعي من السنة كذا في حكم الموقوف لا المرفوع بخلاف قول الصحابي ذلك فإنه في حكم المرفوع على أن السنة في كلام السلف يراد بها الشريعة كما في حديث ابن عباس أنه قال (من السنة أن المسافر يتم صلاته إذا صلى خلف المقيم) ليس المراد ما يستحق المكلف الثواب على فعلها ولا عقاب على تركها، وأما ما نقله مؤلف كتاب جمع الصلاتين في الحضر الأستاذ مشهور حسن محمود سلمان عن بعض الخلفاء الراشدين وعن بعض التابعين أنهم كانوا يجمعون بين الصلاتين في المطر، فأفعال الصحابي أو التابعي ليست بحجة شرعية عند العلماء وعلى فرض أن البعض جمعوا بين الصلاتين ولم ينكر عليهم الباقون من الصحابة أو التابعين فيكون من باب الإجماع السكوتي فلا نسلم صحة القول بحجية الإجماع السكوتي وعلى فرض أنه حجة شرعية فسيكون دليلاً على جواز جمع الصلاتين لعذر المطر لا على السنة فمن أين تستفاد السنية؟!
والخلاصة: هي أن القول بسنية الجمع بين الصلاتين في المطر يحتاج إلى دليل صحيح مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- صريح في الدلالة على السنية ليكون هذا الدليل مخصصا للأحاديث الدالة على وجوب التوقيت لجميع الصلوات الخمس والأحاديث الدالة على أن أفضل الأوقات أوائلها.
فمن كان لديه دليل صحيح صريح مرفوع يدل على سنية الجمع بين الصلاتين في الحضر بعذر المطر ودلني عليه فأجره على الله، وأنا إلى الآن لا زلت قائما مقام المنع مستصحبا للحالة التي كنت عليها من الاعتقاد بأن التوقيت هو الواجب لمن في الحضر أيام المطر.
والخلاصة: لجميع ما جاء في جوابي هذا ينحصر فيما يلي:
أولاً: لا صحة لما قاله مؤلف (فقه السنة) أن البخاري أخرج حديثا مرفوعا أن النبي صلى الله عليه سلم جمع بين الصلاتين لعذر المطر.
ثانياً: لا حجة في قول أيوب لأبي الشعثاء في ليلة مطيرة وقول أبي الشعثاء (عسى)، لأنه ليس بمرفوع بل هو مدرج، وأيضا لكونه بصيغة الترجي من الراوي أيوب ومن شيخه أبي الشعثاء لا بصيغة القطع.
ثالثاً: لم يأت في كتب السنة كلها حديث صحيح صريح دال صراحة على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع بين الصلاتين في