للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكْتُومٍ) (١)، والبعض يعمل به في الأذان الأخير حتى وإن لم يوجد له إلا مؤذن واحد واستدل بالقصة التي وردت في كتب السيرة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ناموا في غزوة تبوك حتى طلع الصبح فأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بلالاً أن يؤذن ويقول الصلاة خير من النوم، فما هو الجواب الشافي؟

جـ: اعلم أن الذي تدل عليه الأدلة الصحيحة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بأذانين في الفجر أولهما: قبل دخول الوقت وفيه التثويب أي (الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) والثاني: ليس فيه تثويب، وهذا ما دل عليه الحديث الذي أخرجه النسائي والبيهقي بلفظ (عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ قَالَ: كُنْتُ أُؤَذِّنُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُنْتُ أَقُولُ: فِي أَذَانِ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) (٢) حيث صرح بأن التثويب يكون في الأذان الأول ومن اطلع على (سبل السلام) يعرف أن الذي ذكرته هو الراجح، وأن من قال بأن (التثويب) هو في الأذان الثاني ليس لهم دليل يكون مساوياً لدليل من قال بأنه في الأذان الأول أو أرجح منه، وهكذا من قال بأن (التثويب) بدعة لا تكون حجتهم أقوى من حجة من قال بأن (التثويب) مشروع في الأذان الأول من الفجر ولا أن تكون مساوية له، وأما ما جاء في السؤال أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بلالاً بالأذان وأن يقول الصلاة خير من النوم عند أن نام الصحابة في غزوة تبوك ولم يستيقظوا إلا بعد صلاة الفجر وهو بلفظ (يَا بِلَالُ قُمْ فَأَذِّنْ بِالنَّاس بِالصَّلَاةِ فَتَوَضَّأَ فَلَمَّا ارْتَفَعَتْ الشَّمْس وَابْيَاضَّتْ قَامَ فَصَلَّى) (٣) أنا أطالب


(١) - صحيح البخاري: كتاب الأذان: باب الأذان قبل الفجر. حديث رقم (٦٢٣) بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّ نُ بِلَيْل، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ).
أخرجه مسلم في الصيام، والترمذي في الصلاة، والنسائي في الأذان، وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة، ومالك في النداء للصلاة، والدارمي في الصلاة.
(٢) سنن النسائي: كتاب الأذان: باب التثويب في أذان الفجر. حديث رقم (٦٤٣) بلفظ (عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ قَالَ: كُنْتُ أُؤَذِّنُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُنْتُ أَقُولُ: فِي أَذَانِ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) صححه الألباني في صحيح النسائي برقم (٦٤٦).
أخرجه أبوداود في الصلاة.
لايوجد للحديث مكررات.
(٣) صحيح البخاري: كتاب مواقيت الصلاة: باب الأذان بعد ذهاب الوقت. حديث رقم (٥٦٠) بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سرْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةً فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: لَوْ عَرَّستَ بِنَا يَا رَسولَ اللَّهِ قَالَ: أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنْ الصَّلَاةِ، قَالَ بِلَالٌ: أَنَا أُوقِظُكُمْ فَاضْطَجعُوا وَأَسنَدَ بِلَالٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ فَاستَيْقَظَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ طَلَعَ حَاجبُ الشَّمْس، فَقَال: َ يَا بِلَالُ أَيْنَ مَا قُلْتَ؟ قَالَ: مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ، يَا بِلَالُ قُمْ فَأَذِّنْ بِالنَّاس بِالصَّلَاةِ فَتَوَضَّأَ فَلَمَّا ارْتَفَعَتْ الشَّمْس وَابْيَاضَّتْ قَامَ فَصَلَّى).
أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، والنسائي في الإمامة، وأبو داود في الصلاة، وأحمد في باقي مسند الأنصار.
أطراف الحديث: التوحيد.
معاني الألفاظ: عرست: التعريس نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة. حاجب: طرف وقرص.
وفي صحيح مسلم: كتاب المساجد: باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها. حديث رقم (١٠٩٩) بلفظ (عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ خَطَبَنَا رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: إِنَّكُمْ تَسيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ وَلَيْلَتَكُمْ وَتَأْتُونَ الْمَاءَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا فَانْطَلَقَ النَّاس لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَبَيْنَمَا رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَسيرُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ وَأَنَا إِلَى جنْبِهِ قَالَ: فَنَعَس رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَمَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَأَتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ حَتَّى اعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، قَالَ: ثُمَّ سارَ حَتَّى تَهَوَّرَ اللَّيْلُ مَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ قَالَ: فَدَعَمْتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ حَتَّى اعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، قَالَ: ثُمَّ سارَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ السحَرِ مَالَ مَيْلَةً هِيَ أَشَدُّ مِنْ الْمَيْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ حَتَّى كَادَ يَنْجفِلُ فَأَتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ فَرَفَعَ رَأْسهُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: أَبُو قَتَادَةَ قَالَ: مَتَى كَانَ هَذَا مَسيرَكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: مَا زَالَ هَذَا مَسيرِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ، قَالَ: حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نَبِيَّهُ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَرَانَا نَخْفَى عَلَى النَّاس؟ ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَرَى مِنْ أَحَد؟ ٍ قُلْتُ هَذَا رَاكِبٌ ثُمَّ قُلْتُ هَذَا رَاكِبٌ آخَرُ حَتَّى اجتَمَعْنَا فَكُنَّا سبْعَةَ رَكْبٍ، قَالَ: فَمَالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ الطَّرِيقِ فَوَضَعَ رَأْسهُ ثُمَّ قَالَ: احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ استَيْقَظَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالشَّمْس فِي ظَهْرِهِ قَالَ: فَقُمْنَا فَزِعِينَ ثُمَّ قَالَ ارْكَبُوا فَرَكِبْنَا فَسرْنَا حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْس نَزَلَ ثُمَّ دَعَا بِمِيضَأَةٍ كَانَتْ مَعِي فِيهَا شَيْءٌ مَنْ مَاءٍ قَالَ: فَتَوَضَّأَ مِنْهَا وُضُوءًا دُونَ وُضُوءٍ قَالَ وَبَقِيَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ ثُمَّ قَالَ لِأَبِي قَتَادَةَ احْفَظْ عَلَيْنَا مِيضَأَتَكَ فَسيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: وَرَكِبَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَرَكِبْنَا مَعَهُ قَالَ فَجعَلَ بَعْضُنَا يَهْمِس إِلَى بَعْضٍ، مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْنَا بِتَفْرِيطِنَا فِي صَلَاتِنَا؟ ثُمَّ قَالَ أَمَا لَكُمْ فِيَّ أُسوَةٌ ثُمَّ قَالَ أَمَا إِنَّهُ لَيْس فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا، ثُمَّ قَالَ مَا تَرَوْنَ النَّاس صَنَعُوا قَالَ ثُمَّ قَالَ أَصْبَحَ النَّاس فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَعْدَكُمْ لَمْ يَكُنْ لِيُخَلِّفَكُمْ وَقَالَ النَّاس إِنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَإِنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا قَالَ فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّاس حِينَ امْتَدَّ النَّهَارُ وَحَمِيَ كُلُّ شَيْءٍ وَهُمْ يَقُولُونَ يَا رَسولَ اللَّهِ هَلَكْنَا عَطِشْنَا فَقَالَ لَا هُلْكَ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ قَالَ أَطْلِقُوا لِي غُمَرِي قَالَ وَدَعَا بِالْمِيضَأَةِ فَجعَلَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصُبُّ وَأَبُو قَتَادَةَ يَسقِيهِمْ فَلَمْ يَعْدُ أَنْ رَأَى النَّاس مَاءً فِي الْمِيضَأَةِ تَكَابُّوا عَلَيْهَا فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَحْسنُوا الْمَلَأَ كُلُّكُمْ سيَرْوَى قَالَ فَفَعَلُوا فَجعَلَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصُبُّ وَأَسقِيهِمْ حَتَّى مَا بَقِيَ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ ثُمَّ صَبَّ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لِي اشْرَبْ فَقُلْتُ لَا أَشْرَبُ حَتَّى تَشْرَبَ يَا رَسولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّ ساقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا قَالَ فَشَرِبْتُ وَشَرِبَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَأَتَى النَّاس الْمَاءَ جامِّينَ رِوَاءً قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ إِنِّي لَأُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَسجدِ الْجامِعِ إِذْ قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ انْظُرْ أَيُّهَا الْفَتَى كَيْفَ تُحَدِّثُ فَإِنِّي أَحَدُ الرَّكْبِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ قَالَ قُلْتُ فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ فَقَالَ مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ حَدِّثْ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِحَدِيثِكُمْ قَالَ فَحَدَّثْتُ الْقَوْمَ فَقَالَ عِمْرَانُ: لَقَدْ شَهِدْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَمَا شَعَرْتُ أَنَّ أَحَدًا حَفِظَهُ كَمَا حَفِظْتُهُ).
أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة، والترمذي في الصلاة، الأشربة عن رسول الله، والنسائي في المواقيت، الإمامة، وأبو داود في الصلاة، وابن ماجة في الأشربة، وأحمد في باقي مسند الأنصار، والدارمي في الأشربة.
معاني الألفاظ: يلوي: يعطف. إبهار: انتصف. راحلته: الراحلة التي يركب عليها. فدعمته: أقمت ميله من النوم وصرت تحته مثل الدعامة. تهوَّر: أي ذهب أكثره. السحر: آخر اليل قبيل الفجر. ينجفل: يسقط. الميضأة: إناء يتوضأ منه. فزعين: نفر مسرعين. الغداة: صلاة الصبح. التفريط: التضييع و التأخير. غمري: الغمر هو القدح الصغير. تكابوا: تزاحموا. جامين: رواء مستريحين قد رووا من الماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>