للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى الله عليه وسلم- ودست في كتب السنة النبوية كذباً وافتراء وعلق عليه بقوله (فإن هذا مخالف لما أجمع عليه من أن الفائتة لا يقوم مقامها شيء من العبادات) وبمثل هذا اللفظ لهذا الحديث المفترى ما ذكره العلامة المعاصر محمد ناصر الدين الألباني في هامش مقدمة كتاب (صفة صلاة النبي من التكبير إلى التسليم)، وحكم عليه بالوضع والبطلان، ولفظه (ومن الأحاديث الموضوعة بل الباطلة التي وردت في بعض كتب الأجلة حديث من قضى صلوات من الفرائض في آخر جمعة من رمضان كان ذلك جابراً لكل صلاة فائتة في عمره إلى سبعين سنة) عما نقله العلامة القارئ في (موضوعاته الصغرى والكبرى) الحكم على هذا الحديث بالبطلان وسرد نفس الكلام الذي نقلته عن العلامة القارئ والذي كان قد نقله وأقره العجلوني في (كشف الخفاء) كما نقل عن (الشوكاني) الكلام الذي سيأتي في مقالي هذا من أوله إلى آخره، وأخيراً نقله عن العلامة اللكنوي مؤلف (الأثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة) أنه قال عن هذا الحديث المختلق والمدسوس على الشريعة الإسلامية الغراء ما نصه [وقد ألفت لبطلان هذا الحديث الذي يوجد في كتب الأوراد والوظائف بألفاظ مختلفة مختصره ومطوله، رسالة مسماة (درع الإخوان عن محدثات آخر جمعة في رمضان) وأدرجت فيها فوائد تنشط بها الأذهان وتصغي لها الآذان فلتطالع فإنها نفيسة في بابها رفيعة الشأن]، وهكذا قد ذكر هذا الحديث المفترى على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والدخيل على سنة خاتم الانبياء والمرسلين العلامة الحوت البيروني المتوفي سنة (١٢٧٦) هـ وذلك في كتابه المختصر في الأحاديث المشهورة على ألسنة الناس المسمى (أسنى المطالب في الأحاديث على المطالب) بنفس اللفظ المذكور في المؤلفات السابقة بلا زيادة ولا نقصان وعلق عليه بقوله (لا أصل له)، أما شيخ الإسلام (الشوكاني) المتوفى سنة (١٢٥٠) هـ فقد ذكر هذا الحديث بلفظ (من صلى في آخر جمعة من رمضان الخمس الصلوات المفروضة في اليوم والليلة قضت عنه ما أخل به من صلاة سنة) وقال عنه هذا موضوع لا إشكال فيه ولم أجده في شيء من الكتب التي جمع مصنفوها فيها الموضوعات ولكنه اشتهر عند جماعة من المتفقهة بمدينة صنعاء في عصرنا هذا (أي في النصف الأول من القرن الثالث عشر من الهجرة) وصار كثير منهم يقولون ذلك ولا أدري من وضعه لهم فقبح الله الكذابين هكذا قال الشوكاني في كتابه الصلاة من مؤلفه في الموضوعات الذي سماه (الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة) وقال الشيخ (محمد الشقيري) من علماء السنة النبوية ومن تلاميذه السيد (محمد رشيد رضا) صاحب المنار رحمه الله في كتابه (السنة والمبتدعات من الأذكار والصلوات) ما نصه (فصل في بدعة صلاة المكتوبات) قال في شرح المواهب وأقبح من ذلك ما اعتيد في بعض البلاد من صلاة الخمس في هذه الجمعة عقب صلاتها زاعمين أنها تكفر صلوات العام أو العمر المتروكة وذلك حرام لوجوه لا تخفى، إذا عرفت هذا علمت أن هذا الحديث من جملة الأحاديث المفتراه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن الذي اختلقه وافتراه على الشريعة الإسلامية لم يكن من الكذابين الذين ظهروا في عصر التدوين لكتب الفقه الإسلامي على جميع المذاهب الإسلامية ولا في عصر تدوين السنة النبوية ولا بعد عصر تدوين الكتب الفقهية بقرن أو بقرنين بدليل عدم ذكره في كتب أهل السنة التي وضعت لبيان الأحاديث الموضوعةعلى الرسول الأعظم -صلى الله عليه وسلم- في القرن السادس من الهجرة النبوية وفيما بعده من القرون التالية إلى القرن التاسع لا في مؤلفات ابن الجوزي ولا الجوزجاني ولا الصاغاني ولا العسقلاني ولا السيوطي ولا غيرهم ممن عاش في القرن السادس أو السابع أو التاسع أبداً، وإنما ذكر في شرح الهداية وشرح ابن حجر المكي للمنهاج وفي موضوعات القاري وغيره من المتأخرين الذين عاشوا في العاشر وما بعده إلى يومنا هذا، كما علمت من جميع ما نقلته عن الحفاظ حول هذا الخبر الموضوع أنه قد ورد بلفظين الأول ما ذكره شيخ الإسلام (الشوكاني) في الفوائد المجموعة واللفظ الثاني ما ذكره الشيخ (على القارئ) وغيره من الحفاظ المنقول كلامهم سابقاً على اختلاف نصه وهومخالف للأدلة

<<  <  ج: ص:  >  >>