ولكن اختلفت هذه الروايات في من هي أول من عملت لها أسماء هذه القبة، والرواية المشهورة في أن أسماء أمرت بعمل هذه القبة على النعش للسيدة فاطمة الزهراء وقد توفيت بعد موت الرسول بستة شهور أو أقل وهناك رواية أخرى تقول بأن أول من عمل لها قبة فوق نعشها هي (زينب بنت جحش) -رضي الله عنه- وقد تأخر موتها إلى أيام عمر بعد موت السيدة (فاطمة) رضي الله عنها بعدة أعوام كما في خلاصة تهذيب الكمال للسيوطي والطبقات لابن سعد ومحاضرة الأوائل للشيخ علاء الدين بدر أحد علماء تركيا في القرن الحادي عشر الهجري، بل إن هناك رواية غريبة في أن أول من عمل لها هذه القبة هي (أم كلثوم) بنت الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي توفيت في السنة التاسعة هجريه في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في مسامرة الأوائل للسيوطي نقل عن ابن سعد في الطبقات بل هناك رواية أغرب منها أن أول من عمل لها قبة هي (رقية بنت الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي توفيت في رمضان السنة الثانية هجرية كما في تخريج الضمدي لشفاء الأمير (الحسين بن محمد) منسوب إلى الطبراني في الأوسط وأن (أسماء بنت عميس) خاطبت الرسول -صلى الله عليه وسلم- إني كنت بالحبشة وهم نصارى أهل كتاب وكانوا يجعلون للمرأة نعشاً فوقه أضلاع يكرهون أن يوصف شيء من خلقها أفلا أجعل لبنتك نعشاً أي على هذه الصفة فقال (اجعلي) فهو أول نعش في الإسلام وذلك لرقية بنت النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في مسامرة الأوائل للسيوطي ونقله في تخريج الضمدي لشفاء الأمير (الحسين) عن الطبراني في الأوسط عن حديث (أسماء بنت عميس) ويمكن الجمع بين رواية أن أول من عمل لها هذا النعش المرتفع من النساء هي (فاطمة) الزهراء رضي الله عنها وبعدها (زينب) أم المؤمنين كما في عنوان النجابة في تراجم من مات في المدينة المنورة من الصحابة للشيخ (مصطفى العلوي الرافعي) حيث قال أول من غطي نعشها في الإسلام هي (فاطمة) الزهراء ثم بعدها (زينب) رضي الله عنها ومنهم من يقول بأن أول من أمرت بوضع هذا النعش المرتفع الذي عمله الناس على سرير المرأة عند حملها إلى المقبرة هي (أم أيمن) عند رجوعها من الحبشة وليست (أسماء) وهي رواية شاذة ذكرها السيوطي في مسامرة الأوائل عن طارق بن شهاب رحمه الله وعلى كل حال فهذه الكيفية التي تعمل على نعش المرأة قديمة في الإسلام يرجع تاريخها إلى عصر الخلفاء الراشدين سواءً كانت المشيرة بها هي (أسماء بنت عميس) أم (أم أيمن) أم غيرهما وسواء أكانت (فاطمة الزهراء) هي أول من عمل لها هذا النعش المرفوع سقفه أم هي (أم كلثوم) بنت النبي -صلى الله عليه وسلم- التي توفت في سنة تسع هجرية أم هي (زينب بنت جحش) أم المؤمنين أورقية) بنت النبي -صلى الله عليه وسلم- التي توفيت في رمضان في السنة الثانية للهجرة وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقرًَّ (أسماء بنت عميس) على العمل الذي أشارت عليه فيحتاج الباحث إلى تصحيح الروايتين ولا أظن هاتين الروايتين صحيحتين ولو فرض أنهما صحيحتان لكانت الكيفية هذه من السنة النبوية لأنها ستكون من قسم أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث أمرها بذلك العمل بقوله (اجعليه) في الحديث الذي حكى هذا الفعل عن (أسماء) عند موت (رقية) أو من قسم التقرير كما في الحديث الذي حكى هذا الفعل عن (أسماء) في موت (أم كلثوم)، ولكن هيهات هيهات أن يصح هذان الحديثان، وأما الحديث الحاكي بأن (أسماء) عملته عند موت (رقية) فهو لا يصح من الناحية التاريخية قبل الناحية الحديثية وذلك لكون (أسماء بنت عميس) عند موت (رقيه) في رمضان من السنة الثانية للهجرة كانت في أرض الحبشة حيث كانت قد هاجرت مع زوجها (جعفر بن أبي طالب) قبل الهجرة النبوية إلى المدينة بعدة أعوام كما لا يخفى على من له إطلاع على كتب السيرة والتاريخ، وأيضاً لم يكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند موت ابنته (رقية) في المدينة بل كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في بدر الكبرى وقد كان وصول رسول النبي إلى المدينة مبشراً بانتصار النبي والمسلمين على كفار قريش عقب دفن (عثمان) ومن معه زوجته (رقية) في مقبرة البقيع، أي أن أمر النبي (أسماء بنت عميس) بأن تعمل على جنازة ابنته (رقيه) نعشاً ساتراً لها خوفا من أن يظهر حجم جسدها لا يصح لأمرين: