للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقصة ثعلبه بن حاطب -رضي الله عنه- وقد قال بعد نقله لكلام الحفاظ في هذه الرواية فإسناد هذا الحديث كما ترى لا تقوم به حجة، وإذا قيل عن رواية الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر بأنها سلسلة الذهب فهذه سلسلة العوفيين سلسلة كلهم ضعفاء وبعضهم أشد ضعفاً من بعض ولا يثبت بمثل هذا الإسناد ثمن باقة بقل فضلاً عن إثبات إيمان أو نفيه أو إثبات الردة والنفاق،

وقد رويت هذه القصة عن أبي أمامة الباهلي وفي سندها (معان بن رفاعة السلمي الدمشقي) وقد اختلف العلماء فيه فذهب إلى توثيقه علي بن المديني ودُحيم وقال أحمد ومحمد ابنا عوف وأبو داود ليس به بأس، وقال الدوري عن ابن معين (ضعيف) وقال أبو حاتم الرازي يُكتب حديثه ولا يُحتج به وقال الجوزجاني ليس بحجة وقال يعقوب بن سفيان لَيِّن الحديث وقال ابن عدي عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وذكره العقيلي في الضعفاء ونقل تضعيفه عن ابن معين أيضاً وقال ابن حبان منكر الحديث يروي مراسيل كثيرة ويحدث عن قوم مجاهيل لا يشبه حديثه حديث الثقات، فلما صار الغالب على روايته ما تنكره القلوب استحق ترك الاحتجاج به.

وقال الحافظ ابن حجر ليِّن الحديث كثير الإرسال وقال الذهبي صاحب حديث ليس بمتقن قال العلامة الحمش أمام هذا الاختلاف في (معان بن رفاعة) فإنه يتعين علينا الترجيح بين أقوال الأئمة فيه وأقل ما يمكن قوله في شأنه هو أنه يعتبر بحديثه إذا توبع عليه من الثقات وإلا كان حديثه منكراً، كما في سند هذه القصة المروية عن أبي أمامة -رضي الله عنه- (علي بن يزيد الألهاني) الشامي قال عنه البخاري منكر الحديث وقال مرة ضعيف وقال مرة أخرى يضعف وقال الترمذي تكلم بعض أهل العلم في (علي بن يزيد) وضعفه وقال مرة أخرى ضعيف وقال مرة ثالثة ذاهب الحديث، وقال النسائي متروك الحديث وترجمه العقيلي في (الضعفاء) ونقل قول البخاري أنه منكر الحديث إلى آخر ما قاله العلامة الحمش الذي ختم كلامه بقوله فأحسن أحوال الرجل أنه يتوقف عن الاحتجاج به حتى توجد متابعة الثقات له وهذا مستحيل في هذا الحديث، وهكذا في سند هذه القصة المروية من طريق أبي أمامة (القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي) وفيه ضعف وقد نقل الحمش ما قيل في جرحه وتعديله ثم قال ما نصه فإسناد هذا الحديث (أي حديث أبي أمامة الباهلي) فيه (معان ابن رفاعة) و (علي بن يزيد) و (القاسم بن عبد الرحمن) (وقد تفرد به القاسم عن أبي أمامة وتفرد به علي بن يزيد عن القاسم وتفرد به معان عن علي بن يزيد) فالحديث منكر جداً، إذ لا يقبل تفرد واحد منهم. قال العلامة أحمد شاكر معلقاً على هذا الخبر (وهو ضعيف كل الضعف ليس له شاهد من غيره وفي بعض رواته ضعف شديد)، هذا وقد رويت هذه القصة من كلام الحسن البصري وفي سندها محمد بن حميد بن حيان الرازي قال البخاري فيه نظر وقال ابن عدي وتكثر أحاديث بن حميد التي أنكرت عليه كما أن في سندها (سلمة بن الفضيل الأبرش) قال النسائي ضعيف وقال البخاري عنده مناكير وقال أبو حاتم صالح محله الصدوق في (حديثه) إنكار ليس بالقوي لا يمكن أن أطلق لساني فيه بأكثر من هذا يكتب حديثه ولا يحتج به، وهكذا في سند هذه القصة (عمرو بن عبيد) قال ابن معين لا يكتب حديثه وقال النسائي متروك الحديث وقال أيوب ويونس (يكذب) وقال حميد يكذب على الحسن وقال ابن حبان كان يكذب في الحديث وهماً لا تعمداً وقال الدار قطني ضعيف، وحيث أن هذا الأثر الحاكي لهذه القصة من كلام الحسن فسواء صح السند إليه أو لم يصح لكون في سنده هؤلاء الثلاثة الضعفاء فليس كلامه بحجة إذ هو قول تابعي وكلام التابعي لا حجة فيه، هذه خلاصة: ما قيل في سند قصة ثعلبة بن حاطب المروية عن ابن عباس وأبي أمامة والحسن البصري وحاصلها أن الحديث بجميع طرقه الثلاث ضعيف وأن هذه القصة المروية في بعض (كتب التفسير) والتي يذكرها بعض الخطباء والوعاظ غير صحيحة من ناحية السند ولا حسنة ولهذا حكم جماعة من الحفاظ بضعف أحاديثها منهم البيهقي في (دلائل النبوة) وابن عبد البر في (الاستيعاب) وابن

<<  <  ج: ص:  >  >>