حزم في (المحلي) والقرطبي في (تفسيره) والذهبي في (تجريد الأسماء) وابن الأثير في (أسد الغابة) والهيثمي في (مجمع الزوائد) والعراقي في (تخريج الإحياء)، وابن حجر العسقلاني في (تخريج الكشاف) وفي (فتح الباري) وفي (الإصابة)، والسيوطي في (الحاوي) وفي (لباب النقول) والمناوى في (فيض القدير) وابن حمزة الحسيني في (أسباب ورود الحديث) وأحمد شاكر في (تعليقه على تفسير ابن جرير الطبري) والألباني في (ضعيف الجامع الصغير) وفي (الأحاديث الضعيفة والموضوعة) وأبو غدة في (تعليقاته على الأجوبة الحافلة) ومقبل الوادعي في كتابه (الصحيح من أسباب النزول) والحمش في كتابه (ثعلبة بن حاطب المفترى عليه) وسليم الهلالي في كتابه (الشهاب الثاقب في براءة ثعلبة بن حاطب) وغيرهم، هذا جوابي عن هذه القصة من حيث السند، وأما من جهة الدراية فمردود من وجوه:
الوجه الأول: هو أن ثعلبة بن حاطب من أهل بدر كما نص على ذلك أهل السير والتاريخ كابن إسحاق وابن هشام والواقدي وابن سعد وابن حزم وأبو نعيم وابن مندة وابن عبد البر وابن كثير وابن الأثير وابن سيد الناس والذهبي وغيرهم من المحدثين والمؤرخين.
الوجه الثاني: أن المفسرين اختلفوا فيمن نزلت فيه هذه الآية ولم يتفقوا على أنها نزلت في (ثعلبة بن حاطب) ومن طالع كتب التفسير يجد بعض المفسرين يحكي نزولها في ثعلبة ابن حاطب وبعضهم يحكي نزولها في (ثعلبة ابن أبي حاطب) وبعضهم يحكي نزولها في (حاطب ابن أبي بلتعة) وبعضهم يحكي نزولها في نفر من المنافقين، وهم (نبتل بن الحارث)(ومعتب بن قشير) و (الجد بن قيس) كما لا يخفى على من اطلع على تفسير هذه الآية وهي قوله تعالى {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ}(١) ولم يقتصر على الإطلاع على تفسير واحد أو تفسيرين.
الوجه الثالث: أن العلماء لم يتفقوا على تاريخ ثعلبة بل اختلفوا في تاريخ موته فمنهم من قال إن وفاته كانت في أيام عثمان -رضي الله عنه- ومنهم من قال إنه استشهد في غزوة خيبر وقيل في غزوة أحد وعلى القولين الأخيرين فوفات ثعلبة ابن حاطب كانت في عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- فكيف تحكي القصة بأن وفاته كانت في عصر عثمان -رضي الله عنه-.
الوجه الرابع: أن هذه القصة لم ترد في كتب الصحاح أو المسانيد أو السنن في حين أنها قد اشتهرت وهي ذات شأن وأيُّ شأن لأنها تتعلق بحكم شرعي هو حكم (مانع الزكاة) فلو كانت القصة قد وقعت لنقلت إلينا نقلاً صحيحاً، وقد نقل ما هو دونها خطورة وأثراً في كيان المجتمع المسلم ناهيك عن أن الكتب الصحيحة والسنن قد نقلت قصصاً أخطأ أصحابها في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واتهمهم بعض الصحابة بالنفاق كقصة (حاطب) وكقصة (كعب بن مالك) في تخلفه عن غزوة تبوك وحادثة (الإفك) وقد كان فيمن تكلم بها (مسطح ابن أثاثة) وغير ذلك من القصص العديدة التي دافع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أصحابها وعذرهم وقبل توبتهم واستغفر لهم فما بال ثعلبة المسكين ينفرد بهذا الخطأ الغريب هكذا قال العلامة الحمش حفظه الله في كتابه (ثعلبة بن حاطب المفترى عليه).
الوجه الخامس: أن هذه القصة مخالفة للقرآن الكريم وذلك لأن من أصول الشريعة التي قررها الله في كتابه وعلى لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الإنسان لو بلغت ذنوبه عنان السماء ثم تاب توبة نصوحاً تاب الله عليه قال