للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أغنيائهم وتُرَدُّ على فُقَرائهم) (١) وحديث (َصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) (٢) وحديث (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة) (٣) والإجماع، وبهذا صرح العلماء بأن من تركها جاحداً لمشروعيتها فهو كافر مرتد ومن تركها تساهلاً غير منكر لمشروعيتها فهو فاسق مرتكب لأعظم جريمة، وما يرويه بعض الكذابين من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد جوّز قضاء الصلاة في هذا اليوم فهو من الأخبار الشنيعة المفتراة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي يجب على كل عالم أن يحذر الناس من روايتها أو من الإعتقاد بأنها من كلام سيد الأنام عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام لأنها معارضة لجميع ما جاء في الكتاب العزيز أو السنة النبوية المطهرة من الأوامر الكثيرة المصرحة بوجوب إقامة الصلاة والحث عليها في عدة آيات قرآنية وفي جملة أحاديث متواترة تضمنتها كتب السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، كما أنها معارضة لما أجمع عليه المسلمون من يوم وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذ، فلعنة الله على الكذابين على الرسول الأعظم -صلى الله عليه وسلم- ورحمة الله على امرئ ذب عن شريعة سيد الأولين والآخرين ورضوان الله لمن بيَّن للمسلمين الحق من الباطل والصدق من الكذب في كل ما نسب إلى خاتم المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وقد سئل العلامة ابن حجر الهيتمي المكي الشافعي المتوفي سنة ٩٧٣ هـ عن هذه الصلاة التي كان بعض المصلين يصليها في آخر جمعة من رمضان ويسميها صلاة البراءة هل تصح جماعة فأجاب بقوله في الفتوى الكبرى وأما صلاة البراءة فإن أريد بها ما ينقل عن كثير من أهل اليمن من صلاة المكتوبات الخمس بعد آخر صلاة جمعة من رمضان معتقداً أنها تكفر ما وقع في جملة السنة من تهاون في صلاتها فهي محرمة شديدة التحريم يجب منعهم منها لأنه يحرم إعادة الصلاة بعد خروج وقتها ولو في جماعة وكذا في وقتها بلا جماعة ولا سبب يقتضي ذلك، ومنها أن ذلك صار سبباً لتهاون العامة في أداء الفرائض لاعتقادهم أن صلاتهم على تلك الكيفية يكفي منهم ذلك، ونص في شرحه على منهاج الإمام النووي


(١) - صحيح البخاري: كتاب الزكاة: باب وجوب الزكاة وقول الله تعالى (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة). حديث برقم (١٣٩٥) بلفظ (عنِ ابنِ عبّاسٍ رضيَ اللّه عنهما، أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بَعثَ مُعاذاً -رضي الله عنه- إلى اليَمن فقال: ادْعُهم إِلَى: شهادةِ أنْ لا إله إلاّ اللّهُ وأني رسولُ اللّهِ، فإن هُمْ أطاعوا لذلك فأَعْلِمْهُم أنّ اللّهَ افترَضَ عليهم خَمسَ صَلواتٍ في كلّ يومٍ وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأَعْلِمْهُم أنّ اللّهَ افترضَ عليهم صدقةً في أموالِهمْ، تُؤخَذُ من أغنيائهم وتُرَدُّ على فُقَرائهم).
أخرجه مسلم في الإيمان، والترمذي في الزكاة، والنسائي في الزكاة، وأبو داود في الزكاة، وابن ماجة في الزكاة، وأحمد في مسند بني هاشم، والدارمي في الزكاة.
أطراف الحديث: الزكاة، المظالم والغصب.
(٢) - صحيح البخاري: كتاب الأذان: باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة وكذلك بعرفة وجمع وقول المؤذن الصلاة في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة. حديث رقم (٦٣١) بلفظ (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، أَتَيْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا رَفِيقًا فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدْ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا أَوْ قَدْ اشْتَقْنَا سَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا فَأَخْبَرْنَاهُ، قَالَ: ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ، وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا أَوْ لَا أَحْفَظُهَا، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ).
أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، والترمذي في الصلاة، والنسائي في الأذان والإمامة، وأبو داود في الصلاة، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في مسند المكيين، والدارمي في الصلاة.
أطراف الحديث: الجهاد والسير، الأدب.
(٣) - صحيح البخاري: كتاب الإيمان: باب قوله تعالى (فإن تابوا وأقاموا الصلوة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم). حديث رقم (٢٥) بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ).
أخرجه مسلم في الإيمان.
معاني الألفاظ: يشهدوا: يصدقوا ويقروا. … عصموا: منعوا وحفظوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>