للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمه الله المسمى (تحفة المحتاج شرح كتاب المنهاج) على أن مسألة قضاء خمس صلوات في آخر جمعة من رمضان بدعة لا أصل لها في الدين، وقال العلامة علي بن سلطان القاري المتوفى سنة (١٠١٤) هـ في كتابه الذي ألَّفه في الأحاديث الموضوعة والذي سمي بـ (الموضوعات الكبرى) وفي كتابه الذي سمي بـ (الموضوعات الصغرى)، ما نصه (من قضى صلاة الفرائض في آخر جمعة من شهر رمضان كان ذلك جابراً لكل صلاة في عمره إلى سبعين سنة) باطل قطعاً لأنه مناقض للإجماع من العلماء على أن شيئاً من العبادات لا يقوم مقام فائتة سنوات، ثم لا عبرة بنقل النهاية ولا ببقية شراح الهداية فإنهم ليسوا من المحدثين ولهذا أسندوا الحديث إلى أحد المخرجين، وقد نقل هذا الكلام بلفظه ولفظ الحديث عن المُلا بن علي القاري العلامة إسماعيل العجلوني المتوفي سنة (١١٦٣) هـ في حرف الميم من كتابه المشهور (كشف الخفاء ومزيل الإلباس فيما يجري من حديث الناس) وأقرّه على ذلك كما نراه في الصفحة الثالثة بعد المائتين من الجزء الثاني من هذا الكتاب المفيد، وقد ذكر هذا الحديث المفترى على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنفس اللفظ المصرح بأن (من قضى صلاة الفرائض في آخر جمعة من رمضان كان ذلك جابراً لكل صلاة فائتة في عمره إلى سبعين سنة) وذكر الحديث الدكتور مصطفى السباعي في كتابه القيم المسمى (السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي) وذلك عند ذكره للأحاديث التي وضعت على النبي -صلى الله عليه وسلم- ودست في كتب السنة النبوية كذباً وافتراء وعلق عليه بقوله (فإن هذا مخالف لما أجمع عليه من أن الفائتة لا يقوم مقامها شيء من العبادات) وبمثل هذا اللفظ لهذا الحديث المفترى ما ذكره العلامة المعاصر محمد ناصر الدين الألباني في هامش مقدمة كتاب (صفة صلاة النبي من التكبير إلى التسليم)، وحكم عليه بالوضع والبطلان، ولفظه (ومن الأحاديث الموضوعة بل الباطلة التي وردت في بعض كتب الأجلة حديث من قضى صلوات من الفرائض في آخر جمعة من رمضان كان ذلك جابراً لكل صلاة فائتة في عمره إلى سبعين سنة) عما نقله العلامة القارئ في (موضوعاته الصغرى والكبرى) الحكم على هذا الحديث بالبطلان وسرد نفس الكلام الذي نقلته عن العلامة القارئ والذي كان قد نقله وأقره العجلوني في (كشف الخفاء) كما نقل عن (الشوكاني) الكلام الذي سيأتي في مقالي هذا من أوله إلى آخره، وأخيراً نقله عن العلامة اللكنوي مؤلف (الأثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة) أنه قال عن هذا الحديث المختلق والمدسوس على الشريعة الإسلامية الغراء ما نصه [وقد ألفت لبطلان هذا الحديث الذي يوجد في كتب الأوراد والوظائف بألفاظ مختلفة مختصره ومطوله، رسالة مسماة (درع الإخوان عن محدثات آخر جمعة في رمضان) وأدرجت فيها فوائد تنشط بها الأذهان وتصغي لها الآذان فلتطالع فإنها نفيسة في بابها رفيعة الشأن]، وهكذا قد ذكر هذا الحديث المفترى على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والدخيل على سنة خاتم الانبياء والمرسلين العلامة الحوت البيروني المتوفي سنة (١٢٧٦) هـ وذلك في كتابه المختصر في الأحاديث المشهورة على ألسنة الناس المسمى (أسنى المطالب في الأحاديث على المطالب) بنفس اللفظ المذكور في المؤلفات السابقة بلا زيادة ولا نقصان وعلق عليه بقوله (لا أصل له).

أما شيخ الإسلام (الشوكاني) المتوفى سنة (١٢٥٠) هـ فقد ذكر هذا الحديث بلفظ (من صلى في آخر جمعة من رمضان الخمس الصلوات المفروضة في اليوم والليلة قضت عنه ما أخل به من صلاة سنة) وقال عنه هذا موضوع لا إشكال فيه ولم أجده في شيء من الكتب التي جمع مصنفوها فيها الموضوعات ولكنه اشتهر عند جماعة من المتفقهة بمدينة صنعاء في عصرنا هذا (أي في النصف الأول من القرن الثالث عشر من الهجرة) وصار كثير منهم يقولون ذلك ولا أدري من وضعه لهم فقبح الله الكذابين هكذا قال الشوكاني في كتابه الصلاة من مؤلفه في الموضوعات الذي سماه (الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة) وقال الشيخ (محمد الشقيري) من علماء السنة النبوية ومن تلاميذه السيد (محمد رشيد رضا) صاحب المنار رحمه الله في كتابه (السنة

<<  <  ج: ص:  >  >>