للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (١) ولحديث (أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً) (٢)، ولماذا لم تبك عند العقد إن كانت غير راضية أو تعبر عن عدم رضائها بأي تعبير.

والخلاصة: أنها إذا قد رضيت حال العقد فليس لها الرجوع عن الرضاء.

س: رجل زوج ولده البالغ بزوجة بالغة ولكن أباها قد زوجها جبراً؟

جـ: عقد النكاح لا يكون صحيحاً إلا إذا كان بولي وشاهدين مع تعيين المرأة بالاسم أو الوصف ومع معرفة رضائها فإذا كانت المرأة مكرهة غير راضية فلا يصح العقد بها من وليها إلا إذا أكرهت قبل الزواج ثم زفت إلى زوجها الذي كانت ترفض الزواج به قبل الزواج فإن زفافها إليه يعتبر رضاءً منها بالزواج ويصير العقد لهذا الزوج صحيحاً، أما إذا كانت الزوجة هذه عند أن زوجها وليها صغيرة غير مكلفة فليس لها اختيار ما دامت صغيرة فإذا دخل الزوج بها ثم مكثت عنده مدة قصيرة أو طويلة وهي لا تزال صغيرة قاصرة فلها أن تفسخ عقد نكاحها متى بلغت سواءً كان العاقد بها والدها أو غيره من الأولياء، وهكذا إذا وقع العقد من الولي للبنت الصغيرة بزوج لم يدخل عليها فلها أن تفسخ عقد نكاحها عند أن تبلغ لأن للقاصرة الخيار عند بلوغها فإن شاءت اختارت الفسخ وأن شاءت اختارت البقاء في عصمة هذا الزوج كما دل عليه الحديث الصحيح الآتي ذكره إن شاء الله تعالى، وأما إذا كانت البنت المعقود بها صغيرة فليس لها اختيار فإذا عقد لها وليها الشرعي بزوج ثم بلغت بعد العقد لها بهذا الزوج فلها الحق بأن تطالب بفسخ عقد نكاحها عند القاضي الشرعي المولى في المنطقة وعليه معرفة الحقيقة وإجراء اللازم الشرعي، فإذا صح لديه أنها تزوجت وهي صغيرة وأنها الآن قد بلغت فيحكم بذلك لأن الحق لها في أن تختار هذا الزوج أو تفسخ عقد النكاح منه لأنه قد صار لها الخيار منذ أن بلغت وعلمت أن لها الحق في المطالبة بالفسخ للعقد المذكور مطلقاً سواءً أكان العاقد لها والدها أم غيره من الأولياء وسواء كان الزوج الذي عقد له بها قد دخل بها أم لا وسواء أكانت قد مكثت عنده مدة قصيرة أم مدة طويلة ما دام العقد كان قبل البلوغ والمطالبة بفسخ العقد بعد البلوغ، وهذا كله إذا كان الزوج بالغاً، أما إذا كان الزوج قاصراً فالعقد للقاصر غير صحيح ولا ينفذ كما سيأتي وزيادة في الإيضاح نقول لا يخلو إما أن تكون البنت التي عقد لها وليها صغيرة أو كبيرة فإن كانت كبيرة فلا يخلو إما إن تكون راضية أو تكون مكرهة فإن كانت راضية فالعقد صحيح إن كان هذا العقد جامعاً للشروط المعتبرة في العقد وهو أن يكون العقد حاوياً للإيجاب والقبول باللفظ المعتبر شرعاً مع تعيين المرأة بالإسم أو الوصف وأن يكون بولي وشاهدين، وإن كانت مكرهة فالعقد غير صحيح لأن من شرط عقد النكاح رضاء المرأة الذي يكون بالنطق إن كانت ثيباً أو بالسكوت إن كانت بكرً لأن السكوت في حق المرأة البكر رضاء كما جاء في الحديث الشريف على صاحبه أفضل الصلاة والسلام (إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ


(١) - البقرة: (٢٢٩)
(٢) - صحيح البخاري: كتاب الطلاق: باب الخلع وكيف الطلاق. حديث رقم (٥٢٧٣) بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً)
أخرجه النسائي في الطلاق، وابن ماجة في الطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>