للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب عليه بأنه إذا كان الرفض من الزوج فيكون بطلاق زوجته وليس له أيُّ شيء من المهر أو الشرط أو ما سلمه الزوج للزوجة، وإن كان الرفض من الزوجة بطلبها الطلاق فمهما طلبت الطلاق فعليها إرجاع ما سلمه الزوج أو بعضه بحسب التراضي ليطلقها طلاقاً خلعياً إلى مقابل عوض وهو المهر أو بعضه.

س: بعث برسالة مطولة شرح فيها مشكلته مع زوجته وبنت خاله التي مد يده إليها بالضرب قبل ثمان سنوات وأنه نادم على ما فعل وأنه يشعر بالأسى حينما أساء إلى زوجته بدون مبرر لذلك وأنه يخاف من عقاب الله تعالى ويطلب فتوى في ذلك؟

جـ: اعلم بأن المسألة بسيطة وليست بعظيمة كما قد تصورتها ولا مانع لك الآن من الندم على ما كان منك من الإساءة إلى زوجتك بضربها على الصفة المذكورة في السؤال فيجب عليك أن تطلب العفو منها والإحسان إليها ولا شك أنها ستعفو عنك إذا رأتك صادقاً في العزم على عدم العود إلى مثل هذا الاعتداء في المستقبل والأسف على ما كان قد صدر منك في الماضي، والتوبة من أيِّ ذنب تهدم ما قبله والحسنات يذهبن السيئات لقوله تعالى {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} (١) وقوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (٢) وبناءً على ذلك لا تعذب نفسك بكثرة التفكير فيما كان وابدأ صفحة جديدة في حياتك مع زوجتك وشريكة حياتك وقريبتك لحديث (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) (٣) وحديث (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ) (٤) وحاول أن تنسى ما مضى وأنقضي لتطمئن نفسك إن شاء الله تعالى وإذا عملت ما قلته لك فليس عليك إن شاء الله أيِّ عقاب بسبب ما جرى منك مهما عفت زوجتك عنك وأخلصت في توبتك لأن الله تعالى غافر الذنوب جميعاً قابل التوبة من جميع التائبين كما في قوله تعالى {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ … الرَّحِيمُ … (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} (٥) وفقك الله إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة وأصلح شئونك وهو تعالى ولي الهداية والتوفيق.

س: قال الله تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (٦) بعض الرجال يفهم معنى هذه الآية بشكل خاطئ، فيفرد الزوج جناحه على زوجته، ويتحول من حمام وديع إلى صقر مخيف ويعامل زوجته وأولاده معاملة قاسية بعيدة كل البعد عن معاني العشرة بالمعروف التي امرنا به القرآن في


(١) - هود: آية (١١٤)
(٢) - البقرة: آية (٢٢٢)
(٣) - سنن الترمذي: كتاب المناقب: باب فضل أزواج التبي صلى الله عليه وسلم. حديث رقم (٣٨٩٥) بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي، وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ) صححه الألباني بنفس الرقم.
أخرجه أبوداود في الأدب، والدارمي في النكاح.
(٤) - صحيح البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء: باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته. حديث رقم (٢٠٨٤) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ)
أخرجه مسلم في الأيمان، والترمذي في الطلاق، وأحمد في باقي مسند المكثرين، والدارمي في النكاح.
(٥) - الزمر: آية (٥٣)
(٦) النساء: آية (٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>