للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ … فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (١) فتعيش زوجته مكسورة الجناح مقهورة الصدر، لا تجرؤ أمامه حتى على الاستئذان منه للخروج، ويستغل هذا الموقف ويزيد تكبراً عليها فيمنعها من زيارات أهلها حتى يوم الجمعة، وعندما تكون هناك أعيادا ومناسبات وأعراسا يشترط عليها أن لا تذهب إلا يوم واحد، فلا تستطيع مشاركتهم في تلك الأفراح، ولا تستطيع حتى مساعدتهم في تلك المناسبات، فهل لشريعتنا السمحاء مخرج من تلك المفاهيم؟

جـ: هذا الذي جاء في السؤال مخالف لما جاءت به الشريعة الإسلامية الغراء لأن الذي جاء به الإسلام على الزوج إكرام زوجته، وحسن معاشرتها ومعاملتها بالمعروف، وتقديم ما يمكن تقديمه لها بما يؤلف قلبها فضلاً عن تحمل ما يصدر منها أو يصبر عليها، وأن يكون رفيقاً رحيماً لها عطوفاً عليها، والأدلة الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع طافحة بوجوب معاملة الزوج زوجته المعاملة الحسنة والسير معها السيرة الطيبة، ولا سيما المحافظة على سمعتها وشرفها منها قوله تعالى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٢) وقوله تعالى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (٣) وقوله تعالى {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٤) و حديث (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) (٥) وحديث (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ) (٦) كما أن على الزوجة لزوجها حقوقا يجب عليه العمل بموجبها، وقد ألف العلماء رسائل منفردة ومؤلفات مستقلة في حقوق المرأة على زوجها، وحقوق الزوج على زوجته، وذكر سيد سابق في فقه السنة كثيراً من تلك الحقوق، فعلى كل زوج مراجعة ما جاء في كتاب النكاح من كتاب فقه السنة كما أن على كل زوجة الاطلاع على ما جاء في نفس هذا الكتاب من الحقوق الواجبة على الزوجة والعمل بموجب ما تضمنته تلك الفصول من هذا الكتاب.

س: هل يجوز للمرأة أن تؤآكل زوجها وهو قاطع للصلاة أو يصلي فرضا من الفروض الخمسة؟

جـ: لا مانع، لكن الأولى إذا كانت متدينة طلب الفسخ من الزوج لعدم الكفاءة الدينية لحديث (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) (٧) وحديث (إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ) (٨) وحديث (ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة) (٩).


(١) - النساء: آية (١٩)
(٢) - النساء: آية (١٩)
(٣) - البقرة: آية (٢٢٩)
(٤) - البقرة: آية (٢٢٨)
(٥) - سنن الترمذي: سبق ذكره من حديث عائشة رضي الله عنها برقم (٣٨٩٥).
(٦) - صحيح البخاري: سبق ذكره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (٢٠٨٤).
(٧) - سنن الترمذي: كتاب الإيمان: باب ما جاء في ترك الصلاة. حديث رقم (٢٦٢١) بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ) صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم.
أخرجه النسائي في الصلاة، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في باقي مسند الأنصار.
(٨) - صحيح مسلم: كتاب الإيمان: باب ماجاء في ترك الصلاة. حديث رقم (٢٤٢) بلفظ (عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ)
أخرجه الترمذي في الإيمان، والنسائي في السنة، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في باقي مسند المكثرين، والدارمي في الصلاة.
(٩) - سنن النسائي: كتاب الصلاة: باب الحكم في تارك الصلاة. حديث رقم (٤٦٢) بلفظ (عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ إِلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ) صححه الألباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم.
أخرجه مسلم في الإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>