للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر وهو يعتم فقال: يا أبا أيوب ألا أحدثك بحديث؟ فقلت: بلى، قال: دخلت على ابن عمر فقال: لي يا بني أحِبَّ العمامة يا بني أعتم تحلم وتكرم وتوقر ولا رآك الشيطان إلا ولى هارباً سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول فذكر الحديث وفيه مجاهيل هذا كلام المناوي رحمه الله (١) وقال الشيخ (محمد الشقيري) من علماء الحديث في هذا القرن ومن تلاميذ السيد (محمد رشيد رضا) صاحب المنار في كتاب (السنن والمبتدعات في الأذكار والصلوات) عن الأحاديث الواردة في الصلاة بالعمامة وفضلها: (لا شك أنها باطلة وموضوعة) وذكر، وذكر هذا الحديث في بعضها.

وقد ذكر هذا الحديث الحافظ (الألباني) في الجزء الثاني من المجلد الأول من سلسلة (الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة) برقم (١٢٧) وحكم عليه بٍأنه (موضوع) وساق كلاماً طويلاً حول الكلام عليه كما ذكر أيضاً حديث جابر (ركعتان بعمامة خير من سبعين ركعة بلا عمامة) الذي ذكره السيوطي في (حرف الراء) من (الجامع الصغير) كما ذكر أيضاً حديث أنس مرفوعاً بلفظ (الصلاة في العمامة تعدل بعشرة آلاف حسنة) وحكم على جميع هذه الأحاديث الثلاثة بـ (الوضع) كما نقل عن الحافظ (ابن رجب) أنه قال في الحديث المروي عن أبي هريرة مرفوعاً (صلاة بعمامة أفضل من سبعين صلاة بغير عمامة) الذي رواه محمد بن نعيم: أن محمداً هذا كذاب وأن الحديث باطل (٢).

هذا، والجدير بالذكر أن الشيخ (الألباني) نقل عن الشيخ (المُلا علي القاري) في (موضوعاته) أنه نقل عن الشيخ (علي بن محمد الشاذلي المصري) المتوفى سنة (٩٢٩ هـ) أنه قال في هذا الحديث: (أنه حديث باطل) ثم تعقبه بأن السيوطي أورده في الجامع الصغير مع التزامه بأنه لم يذكر فيه الموضوع، ونقل العجلوني عن النجم، أو نجم الدين الغزي مؤلف (إتقان ما يحسن بذكر الأحاديث الدارجة على الألسن) والشيخ (علي القاري) مؤلف الموضوعات أنهما استشكلا الحكم على الحديث بالوضع بعد أن نقل كل واحد ما قاله بعض الحفاظ في عدم صحته وفي الحكم عليه بالوضع بأنه من أحاديث الجامع الصغير الذي التزم مؤلفه بألا يذكر فيه حديثاً موضوعاً، وقد أجاب عنهما الحافظ (الألباني) بأن هذا التعقب باطل تغني حكايته عن الرد عليه وما جاءهم ذلك إلا من حسن ظنهم بعلم السيوطي وعدم معرفتهم بما في الجامع الصغير من الأحاديث الموضوعة لتي نص السيوطي نفسه في غير الجامع الصغير على بعضها كهذا الحديث وغيره (٣).

والخلاصة: بأن الحديث المذكور (موضوع) كما قال الحافظ (ابن حجر) في (لسان الميزان) (٤) و (السخاوي) في المقاصد الحسنة و (الديبع) في تمييز الطيب من الخبيث و (العجلوني) في كشف الخفاء و (نجم الدين الغزي) في (إتقان ما يحسن) و (البيروتي) في أسنى المطالب و (ابن عراق) في تنزيه الشريعة و (القاري) في موضوعاته و (علي بن محمد الشاذلي المصري) المتوفى سنة (٩٢٩ هـ) فيما نقله عنه القاري في موضوعاته و (الشوكاني) في الفوائد المجموعة و (المناوي) في فيض القدير و (الشقيري) في السنن والمبتدعات و (الألباني) في الأحاديث الضعيفة والموضوعة وغيرهم من الحفاظ ومنهم (السيوطي) نفسه في ذيله علي كتاب الموضوعات ونقل عن الحافظ (ابن حجر العسقلاني) أنه قال فيه (أنه حديث موضوع).


(١) - فيض القدير ص (٢٢٥)، ج (٤).
(٢) أنظر الألباني ج ٢ - ص (٢٥) وما بعدها.
(٣) - الأحاديث الضعيفة والموضوعة ج ٢ - ص (٢٦).
(٤) - لسان الميزان ج (٣) ص (٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>