للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في (اللآلئ المصنوعة) (١) و (ابن عراق) في (تنزيه الشريعة) (٢)، كما حكم بوضعه ابن القيم في (المنار) (٣) وأقرَّه الشيخ علي القاري في (موضوعاته الكبرى) (٤)، وهكذا حكم بوضعه (ابن طاهر) في (تذكرته) (٥) وغيره من الحفاظ المتأخرين اللذين نقلوا عن (ابن الجوزي) الحكم على هذا الحديث بالوضع وأقرَّوه ولم ينقدوه، ومنهم (السيوطي) نفسه في (أعذب المناهل) ولكن لعل هذا الحديث وغيره من الأحاديث الموضوعة التي ضمها الجامع الصغير الذي صانه مؤلفه عن كل ما تفرد بروايته وضَّاع أو كذاب، قد دسها بعض النسَّاخين لهذا الكتاب، أو لعل الإمام (السيوطي) نفسه كان قد ذكره في كتابه هذا على أساس أنه سيغربل كتابه ويزيل ما لا يصح أنه على شرطه فوافقته منيته قبل أن يتمكن من ذلك، لأنه مات ولم يكن قد جاوز الثانية والستين سنة من عمره.

•ومن الأحاديث التي ذكرها الإمام السيوطي رحمه الله في كتابه الجامع الصغير، وليست صحيحة ولا حسنة ولا ضعيفة، وإنما هي من الأحاديث الدارجة على ألسنة الناس أو مذكورة في كتب الفقه ولا أصل لها عند علماء السنة النبوية المطهرة حديث (اختلاف أمتي رحمة) فهذا الحديث أو هذه الجملة لم يعثر لها علماء الحديث على أصل من أصول السنة النبوية، لا في الصحاح ولا في السنن ولا في المعاجم ولا في المستندات، بل ولا في المستدركات ولا في الأجزاء ولا في أيِّ كتاب من كتب الحديث المسندة، بل ولا عرف الحفاظ لهذا الحديث أو لهذه الجملة سنداً ولا اسماً للراوي ولا للمخرج لهذا الحديث أبداً لا في كتب المتقدمين ولا في كتب المتأخرين ولا في كتب المحدثين المعاصرين.

وقد راجعت الجامع الكبير للسيوطي نفسه فوجدته يأتي بالعبارات التي أتى بها في (الجامع الصغير) عقب ذكره لهذا الحديث، وهي: نص المقدسي في (الحجة) والبيهقي في (الرسالة الأشعرية) بغير سند، وأورده الحكيمي والقاضي حسين وإمام الحرمين وغيرهم، ولعله خُرِّج في بعض كتب الحفاظ)، وهكذا راجعت (كنز العمال) للمتقي الهندي فوجدته قد ذكر هذا الحديث المزعوم في (حرف الفاء) في الباب الذي عقده لذكر الأحاديث الواردة في فضل العلم والعلماء، ولم يذكر من خرَّجه ولا من رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بل أتى بنفس العبارة التي ذكرها (السيوطي) في الجامع الكبير وفي الجامع الصغير، وهكذا لم يعثر من جاء بعدهم من شراح الجامع الصغير، لا (العزيزي) مؤلف (السراج المنير)، ولا (المناوي) مؤلف (فيض القدير) ولا غيره ممن علق على هذا الحديث أو شرحه ولا من ألف في الأحاديث الدارجة على ألسنة الناس والمشهورة بين الناس، بل بالعكس حيث المناوي ينقل عن السبكي أنه (أي السبكي) لم يقف على سند لهذا الحديث لا صحيح ولا حسن ولا ضعيف ولا موضوع، وأن الشيخ (زكريا الأنصاري) قد أقرَّه على هذا القول في تعليقه على تفسير البيضاوي رحمه الله، وممن صرح بأنه لا أصل لهذا الحديث الحافظ (ابن حجر العسقلاني) في (اللآلئ المنثورة) و (المحقق المقبلي) في (العلم الشامخ) كما صرح بأنه موضوع الحافظ (ابن حزم الظاهري) في (الأحكام) و (الملا علي القاري) في (موضوعاته الكبرى) و (الحافظ الغماري) في (المغير على موضوعات الجامع الصغير) والحافظ (الألباني) في (ضعيف الجامع الصغير) وفي (الأحاديث الضعيفة والموضوعة) وفي (هامش صفة صلاة النبي) -صلى الله عليه وسلم- وفي مجلة الوعي الإسلامي وغيرهم من حفاظ السنة النبوية على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام.


(١) اللآلئ المصنوعة ج ٢ - ص (٢١٠).
(٢) تنزيه الشريعة ج ٢ - ص (٣٢٧).
(٣) - ص (٢١).
(٤) - ص (١٠٨، ١٠٧).
(٥) ص (١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>