للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• ومن الأحاديث التي ذكرها الإمام (السيوطي) في (جامعه الصغير) الذي صرح في مقدمته بأنه لم يذكر في كتابه إلا ما كان صحيحاً أو حسناً أو ضعيفاً، وأنه قد صانه عما تفرد به وضَّأع أو كذاب، حديث جابر (من كثرت صلاته في الليل حسن وجهه بالنهار) مع أنه ليس من الأحاديث الصحيحة المرفوعة إلى الرسول الأعظم -صلى الله عليه وسلم- ولا من الأحاديث الحسنة بل ولا من الأحاديث الضعيفة أيضاً وإنما هو من الأحاديث التي نص عليها الحفاظ على أنها من الأحاديث التي وضعت على النبي -صلى الله عليه وسلم- بغير قصد من الواضع لها، وأنها ليست من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- بل من كلام ثابت بن موسى الذي سمعه من شيخه (شريك)، قال الحاكم: إن ثابت دخل على شريك وهو يملي ويقول حدثنا الأعمش عن سفيان عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسكت ليكتب المستملي فلما نظر إلى ثابت قال (من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار وقصد بذلك ثابتاً لزهده وورعه فظن ثابت أنه متن ذلك الإسناد فكان يحدث به،

وقد تبع صاحب (المقاصد) من جاء من بعده ممن ألف في الأحاديث الدارجة على الأسنة كـ (الديبع) في (تمييز الطيب من الخبيث) (١) و (العجلوني) في (كشف الخفاء) (٢) و (الحوت البيروتي) في (أسنى المطالب) (٣) وغيرهم، كما عد هذا الحديث من الموضوعات الصاغاني في موضوعاته (٤) وتبعه من جاء بعده ممن ألف في الموضوعات مثل (ابن الجوزي) في موضوعاته الكبرى (٥) و (الشوكاني) في الفوائد المجموعة (٦) والأستاذ (نجم الدين خلف) في تعليقاته على موضوعات الصاغاني (٧) و (الملا علي القاري) في المصنوع (٨) و (الغماري) في المغير على موضوعات الجامع الصغير (٩) وغيرهم، وقد مثل بهذا المثل للحديث المصنوع من غير قصد (بعض) من ألف في علم مصطلح الحديث، و (النووي) في التقريب و (زين الدين العراقي) في الألفية وغيرهم، وقد نقل (المناوي) في الفتح أن المحدثين لا يثبتون هذا الحديث كما نقل عن (العقيلي) أنه قال في هذا الحديث: (باطل لا أصل له) ولم يتابع ثابتاً عليه ثقة، وأطنب (ابن عدي) في رده على من زعم أن هذا الكلام من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال (أي ابن عدي) أنه حديث منكر، مثلوا به للموضوع غير المقصود، وممن مثل به (العراقي) في متن الألفية وقال: لا أصل له ولم يقصد به ثابت وضعه إلى آخر ما قاله (المناوي) في فيض القدير (١٠) وقال المناوي أيضاً: ومن أعجب العجاب أن المؤلف (أي السيوطي) مؤلف الجامع الصغير قال في كتابه (أعذب المناهل) أن الحفاظ حكوا على هذا الحديث بالوضع وأطلقوا على أنه موضوع هذه عبارته (١١) فكيف يورده في كتاب ادعى أنه صانه عما تفرد به وضَّاع، وأورده (ابن الجوزي) في الموضوعات، وقال الذهبي: فيه ثابت بن موسى الظبي الكوفي (العابد)، قال (يحيى بن معين) كذاب. وقال غيره خبر باطل، وقال الحاكم: هذا لم يثبت عن المصطفي -صلى الله عليه وسلم-


(١) ص (١٦٨)
(٢) ص …
(٣) - ص (٢٣٠)
(٤) - ص (٤٨)
(٥) - فيض القدير ج (٦) ص (٢١٣).
(٦) ص (٣٥).
(٧) - ص (٤٨).
(٨) - ص (١٩٢).
(٩) ص (١٩٢).
(١٠) - الباعث الحثيث ص (٧٧)
(١١) - فيض القدير ج (٦) ص (٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>