للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


المسلمين، هذا الوصف للعاملين على جمع الصدقات وتوزيعها والمزكين من أبناء الصحابة بلفظ (الناس) يتعارض مع وصف القرآن الكريم للصحابة بأنهم مسلمون في قوله تعالى {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} () وبأنهم مؤمنون في قوله تعالى {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} () وبأنهم السابقون إلى الإسلام وإلى نصرة الله عز وجل ونصرة رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ … خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} () وبأنهم مهاجرون تركوا الأهل والديار والأوطان ابتغاء فضل الله ورضوانه لنصرة الله ورسوله في قوله تعالى {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} () ويتعارض مع أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم لأتباعه من الصحابة ومن بعدهم إلى يوم القيامة بوصف الإسلام في حديث (وكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخوانا، الْمُسلِمُ أَخُو الْمُسلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، بِحَسبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسلِمَ، كُلُّ الْمُسلِمِ عَلَى الْمُسلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ) () وحديث (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ) () وحديث (تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجسدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سائِرُ جسدِهِ بِالسهَرِ وَالْحُمَّى) () وفي رواية صحيح مسلم بلفظ (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجسدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سائِرُ الْجسدِ بِالسهَرِ وَالْحُمَّى) ()، ووصف المسلمين من غير بني هاشم من الصحابة وممن يأتي بعدهم بوصف لفظ (الناس) استحقارا لهم لدناءة نسبهم غير الهاشمي وتنويها بعلو وكرامة النسب الهاشمي يتعارض تعارضا واضحا كوضوح الشمس في رابعة النهار مع قوله تعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} ().
حاشا رسول الله أن يكون غارسا في نفوس بني هاشم منكر الكبر
حاشا رسول الله أن يكون غارسا في نفوس بني هاشم منكر الكبر بسبب عنصر النسب الهاشمي الذي بسببه طرد إبليس من الجنة وبسببه استحق غضب الله عليه ولعنه وتخليده في النار، وكان سبب عصيانه لله تعالى وسبب غضب الله عليه ولعنه وإخرجه من الجنة وتخليده في النار هو استشعاره أن عنصره خير من عنصر آدم حيث قال عن نفسه مفتخرا بعنصريته {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} () وقد ذم الله تعالي ابليس وتكبره على آدم بعنصره وعاقبه على ذلك بإخراجه من الجنة ووصفه بأنه من الأذلاء الصاغرين جزاء وفاقا لتكبره قال تعالى {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} () والنبي صلى الله عليه وسلم مهمته الأساسية تزكية الأمة وتحليتها بالفضائل وتخليتها من الرذائل التي تنافي الأخلاق الحميدة، ومن أرذلها منكر التكبر على الآخرين بسبب النسب، ومن أمته بنوهاشم، فالرسول صلى الله عليه وسلم كانت مهمته الاجتهاد في تربيتهم على الإيمان والتقوى والتواضع وغرس الربانية والزهد في الدنيا في قلوبهم كما هي مهمته في تربية جميع أفراد أمته على المستوى الرفيع من الربانية والأخلاق الفاضلة، وليست مهمته تربيتهم على التكبر على المسلمين الآخرين من غير بني هاشم، لأن استشعار التفاضل والتفاخر والتعالي على المسلمين من غير بني هاشم من الضلال المبين وليس هو من الهدى، وهو من المنكر وليس من المعروف، وهومن اعتقاد الشيطان وأولياء الشيطان لا من اعتقاد الأنبياء وأولياء الرحمن قال تعالى {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا … مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} () وقد اخبر النبي المزكِى صلى الله عليه وسلم أن الجنة لا يدخلها من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر سواء كان الكبر بسبب النسب الهاشمي أو العلوي الفاطمي أو النسب القرشي أو العربي أو أي نسب يشعر المنتسب إليه بالرفعة والشرف والعلو على الآخرين الذين يعتبرهم في مرتبة أدنى من مرتبة نسبه أو كان الكبر بسبب مال أو علم أو منصب أومكانة اجتماعية أو بأي سبب فمثقال الذرة من الكبر على

<<  <  ج: ص:  >  >>