للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الآخرين تحرم المتكبر من دخول الجنة كما في الحديث الصحيح الصريح في دلالته على بغض الله ومقته للمتكبرين على الآخرين بأي سبب من الأسباب التي تولد الكبر في نفس المتكبر، لفظ الحديث (لَا يَدْخُلُ الْجنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، قَالَ رَجلٌ إِنَّ الرَّجلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسنًا وَنَعْلُهُ حَسنَةً، قَالَ إِنَّ اللَّهَ جمِيلٌ يُحِبُّ الْجمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاس) () وفي ذم التفاخر بالأنساب حديث (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ، قَالَ لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمْ الَّذِينَ مَاتُوا، إنما هُمْ فَحْمُ جهَنَّمَ أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنْ الْجعَلِ الَّذِي يُدَهْدِهُ الْخِرَاءَ بِأنفِهِ، أن اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ، إنما هُوَ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجرٌ شَقِيٌّ، النَّاس كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ) () الجعل هوالدويبة التي تكون بين براز الإنسان، والحديث الآخر يقول (عَنْ أبي نَضْرَةَ، حَدَّثَنِي مَنْ سمِعَ خُطْبَةَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ فِي وَسطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاس، أَلَا إن ربكم وَاحِدٌ، وَإن أباكم وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجمِيٍّ، وَلَا لِعَجمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسوَدَ، وَلَا أَسوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟ قَالُوا بَلَّغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ) ().
إعلان بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم
كيف يتفاخر متفاخر بالنسب الهاشمي بسبب القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أمر الله عز وجل رسوله محمدا بالرد على ادعاء التميز أو التعالي على المسلمين بسبب الانتساب إلى نسب الرسول صلى الله عليه وسلم وبالبيان الواضح الجلي الذي لا حفاء فيه ولا غموض بأن الأصل الذي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر من البشر لا يتميز على البشر الآخرين إلا بميزة واحدة هي اختيار الله عز وجل له لتلقي الوحي الإلهي وتبليغه لسائر البشر؟!، أما في ما عدى خاصية الوحي الإلهي فالرسول محمد صلى الله عليه وسلم بشر من البشر مثله مثل البشر الآخرين في النسب حيث ينتهي نسب جميع البشر إلى (آدم) و (حواء) ولا تمايز بينهم ولا تفاضل ولا تفاخر بسبب النسب لأن الجميع متساوون في الانتساب إلى (آدم) و (حواء) ويعيش الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعيش سائر البشر أكلا وشربا ونوما ويقضة ومشيا على الأقدام وفي سائر شؤون الحياة الدنيا قال تعالى {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} () الآية وردت بأسلوب الحصر والقصر لأن لفظ {إِنَّمَا} تفيد الحصر والقصر، وقد قصرت في هذه الآية موصوفا على صفة، الموصوف هو رسول الله صلى الله عليه وسلم المضمر عنه في الآية بضمير المتكلم {أَنَا} والصفة المقصور عليها صفة البشرية في قوله تعالى {بَشَرٌ} ولفظ {مِثْلُكُمْ} في الآية لتأكيد صفة البشرية ولنفي تميز الرسول بشيء غير صفة الوحي إليه وحده حيث أسند صفة الوحي إلى ياء المتكلم في قوله تعالى {إِلَيَّ}، ومن المعلوم علما قطعيا أن صفة الوحي خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشاركه في تلقي الوحي أحد من بني هاشم ولا من غيرهم لورود صفة الوحي محصورة ومقصورة على الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله تعال {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} () وإذا تبين أن صفة الوحي محصورة ومقصورة على شخص الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته ولم يشاركه فيها مشارك في حياته (لا علي ولا فاطمة ولا حسن ولا حسين) ولا غيرهم من بني هاشم أومن غيرهم فبالأ ولى أن لا يشاركه أحد في الوحي بعد موته صلى الله عليه وسلم ممن يطلق عليهم مصطلح (أئمة أهل البيت المعصومين) سواء الأئمة الإثني عشر المزعومين أو غيرهم من أئمة الزيدية الهادوية أو أئمة الإباضية، وهذا الأمر من الله عز وجل إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بإعلان حقيقة بشريته وعدم تميزه عن البشر الآخرين بشيء سوى الوحي الإلهي هو لرد الافتراء على الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه يدعي أن نسبه ونسب بني هاشم متميز على أنساب الآخرين كما في الرواية المكذوبة (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسمَعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ) () هذا الحد يث المكذوب يؤسس عنصرية كبيرة بين البشرية من ولد إسماعيل فيفضل عنصر كنانة على بقية ذرية إسماعيل ويفضل قبيلة قريش على بقية كنانة ويفضل عنصر بني هاشم على بقية قريش فهذه الرواية المكذوبة تؤسس لعنصريات متعددة هي تفضيل عنصر كنانة على غيرها من ذرية إسماعيل بدون ذكر أي سبب للتفضيل، وتفضيل عنصر قبيلة قريش على غيرها من قبائل كنانة بدون ذكر أي سبب للتفضيل، وتفضيل عشيرة بني هاشم على غيرها من عشائر قريش بدون ذكر سبب للتفضيل، أما تفضيل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على سائر البشر فليس بسبب عنصره الهاشمي ولكن لاختيار الله عز وجل له لتلقي الوحي الإلهي لتبليغه للبشرية كتفضيل الله عز وجل لكل رسول على قومه لاختيار الله عز وجل له لتبليغ الرسالة إلى قومه لابسبب عنصره، وهذه الرواية

<<  <  ج: ص:  >  >>