للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الشديد المرعب في قول الله تعالى {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} بحجة أن لفظ {الآل} مقصور على القرابة من النسب وليس عاما فيمن يتبع المتبوع في ملته أو عقيدته أو نظامه أومنهجه أو طريقته، ولفظ {الآل} بمعنى الأتباع واضح في قوله تعالى {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} () وقوله تعالى {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا … بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا … ظَالِمِينَ} () فالذين أغرقهم الله عز وجل في الآيتين هم جميع أتباع فرعون من المدنيين والعسكريين وليس أقاربه فقط، وكذا قوله تعالى {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} () المراد بقول الله تعالى {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} جميع من اتبع فرعون وعاونه على ظلمه من المدنيين والعسكريين، وبناء على معنى لفظ {الآل} في القرآن الكريم فآل محمد صلى الله عليه وسلم هم أتباع ملته من الهاشميين والقرشيين والعرب والعجم ومن السود ومن البيض من الذكور والإناث، وهم كلهم أتباع ملته في كل زمان وفي كل مكان لأن الأصل في لفظ {الآل} عموم الأتباع، وعلى هذا المعنى فرواية تحريم الزكاة على آل محمد معناها تحريم الزكاة على جميع من فرض الله لهم الزكاة في قوله تعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} () وقد ورد استخدام لفظ (آل محمد) بمعنى أتباع محمد في حديث (قِيلَ يَا رَسولَ اللَّهِ، أَمَّا السلَامُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجيدٌ) () وكل الروايات الواردة في الصلاة على محمد وعلى آل محمد في التشهد الأخير في الصلاة هي بمعنى الأتباع بدليل السلام على عباد الله الصالحين في التشهد الأول في حديث (فَإِذَا جلَس أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ ذَلِكَ، أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السمَاءِ وَالْأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسولُهُ، ثُمَّ يَتَخَيَّرْ بَعْدُ مِنْ الْكَلَامِ مَا شَاءَ) () لأن لفظ عباد الله الصالحين عام يعم كل عبد صالح من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولفظ (عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ) جمع مضاف يفيد العموم ولا يقصر عموم عباد الله الصالحين على أقارب النبي صلى الله عليه وسلم من بني هاشم أو بني المطلب أو غيرهم، وهكذا لفظ (آل محمد) في التشهد الأخير يعم جميع أتباع محمد بن عبد الله من الهاشميين والقرشيين والعرب والعجم والبيض والسود والذكور والإناث وغيرهم من المسلمين في سائر أنحاء الكرة الأرضية في كل زمان وفي كل مكان، وقد ورد استعمال لفظ (آل محمد) بـ (معنى خاص) يخص بعض أفراد العموم كالتنصيص على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وذريته في حديث (قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجيدٌ) () والقاعدة في أصول الفقه أن التنصيص على بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص يعني أن النص على بعض أفراد العام لا يقتضي تخصيص اللفظ العام بهذا اللفظ الخاص وإنما يكون بعضا من أفراد اللفظ العام، وقد وردت عدة استعمالات للفظ (آل محمد) في معان خاصة وكلها لا تقتضي تخصيص اللفظ العام بها ولا قَصر العام على أيٍّ منها، من هذه الاستعمالات حديث (مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ مِنْ طَعَامٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى قُبِضَ) () وحديث (مَا أَمْسى عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ صَاعُ بُرٍّ وَلَا صَاعُ حَبٍّ، وَإِنَّ عِنْدَهُ لَتِسعَ نِسوَةٍ) () المراد بلفظ (آل محمد) في الحديثين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم اللائي كان ينفق عليهن، والتنصيص عليهن في الحديثين لا يقتضي قصر عموم لفظ (آل محمد) عليهن، واستعمال أبي بكر لفظ (آل محمد) على من طلب ميراث النبي صلى الله عليه وسلم مما تركه من الأموال، وهم (فاطمة والعباس وأزواج النبي) صلى الله عليه وسلم لا يقتضي تخصيص أو قصر عموم لفظ (آل محمد) على الوارثين من أقارب النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته، وإنما تطبق القاعدة الأصولية التي هي بلفظ (التنصيص على بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص) ولا يقتضي قصر اللفظ العام على بعض أفراده المنصوص عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>