للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحرم الطيبات وإنما يحرم الخبائث
لو فرض حمل لفظ (آل محمد) في الرواية المكذوبة بلفظ (إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ إنما هِيَ أَوْساخُ النَّاس) وفي لفظ منها (إِنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ إنما هِيَ أَوْساخُ النَّاس وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ) الرواية تخالف القرآن الكريم من حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحرم على بني هاشم ولا على غيرهم من أمته من المطعومات إلا ما كان خبيثا كالميتة أو لحم الخنزير أو الخمر أو الأموال الربوية أو غيرها مما حرَّمه الله تعالى، ولا يحرم الطيبات من المطعومات وغيرها من الأموال لأن الله الرحيم بعباده الذي أرسل رسوله لهداية خلقه جعل مهمته تحليل (الطيبات) لبني هاشم ولغيرهم من أمته وتحريم (الخبائث) على بني هاشم وعلى غيرهم ويضع عنهم (الآصار والأغلال) من أعراف وعادات الجاهلية التي كانت تشدد وتثقل عليهم، وليس من مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا مما يناسب رحمته ببني هاشم وبغيرهم من أمته أن يحرَّم عليهم ما أحلَّ الله لهم من أموال الزكاة، ويحل لهم ما حرم الله عليهم من التفاخر بالأنساب ولا أن يضع عليهم (آصارا وأغلالا) تحرمهم مما أحلَّه الله لهم من الطيبات من أموال الزكوات المفروضة رحمة بالفقراء لا انتقاصا واحتقارا للفقراء والمساكين وبقية مصارف الزكاة الثمانية المنصوص عليها في كتاب الرحمة والعزة السماوية، ويحرم على نسائهم الزواج ممن ترضى المرأة وأولياؤها دينه وخلقه فهذه الرواية وضعت على بني هاشم أغلالا وآصارا ما أنزل الله بها من سلطان، وهي مخالفة مخالفة صارخة لما كلف الله به رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ … عَلَيْهِمْ} ()، ومما يدل على كذب الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم الاضطراب في ألفاظ الرواية بين لفظ (إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد) في أول الرواية وبين لفظ (إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد) في آخر الرواية، فالاضطراب ظاهر بين لفظ (لا تنبغي) ولفظ (لا تحل)، أيضا اختلاف لفظ رواية مسلم عن رواية سنن أبي داوود في السكوت الطويل بعد أن سمع طلب الغلامين بتكليفهما على جمع الصدقات، فرواية صحيح مسلم (فَسكَتَ طَوِيلًا حَتَّى أَرَدْنَا أَنْ نُكَلِّمَهُ) ولم يذكر فيه أ ن الرسول رفع رأسه أثناء السكوت الطويل إلى سقف الحجرة، بينما رواية سنن أبي داوود ذكرت أن الرسول صلى الله عليه وسلم في وقت سكوته الطويل كان رافعا رأسه إلى سقف الحجرة التي كانوا فيها ولم يخفض رأسه إلا حينما بدأ الكلام، وهي بلفظ (فَسكَتَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ، وَرَفَعَ رَأْسهُ إِلَى سقْفِ الْبَيْتِ حَتَّى أَرَدْنَا أَنْ نُكَلِّمَهُ، قَال فَأَشَارَتْ إِلَيْنَا زَيْنَبُ مِنْ وَرَاءِ حِجابِهَا كَأَنَّهَا تنهانا عَنْ كَلَامِهِ، وَأَقْبَلَ، فَقَالَ أَلَا إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ إنما هِيَ أَوْساخُ النَّاس)، مفتر الحديث يريد في رواية أبي داوود أن يوغل في الإيهام بأن الرسول صلى الله عليه وسلم رفع رأسه إلى سقف الحجرة منتظرا تنزل الوحي الإلهي عليه في شأن توليتهما على جمع الصدقات، وأنه لم ينطق من ذات نفسه، وإنما توقف عن الكلام حتى نزل عليه الوحي من السماء ونطق بما أٌوحي إليه بعد انتظاره في سكوته الطويل لتنزل الوحي عليه في طلب التولية على جمع الصدقات.
حديث تحريم الزكاة على بني هاشم شاذ في المعنى، مضطرب في اللفظ، مخالف للقرآن الكريم في لفظه ومعناه
الخلاصة: أن حديث تحريم الزكاة على بني هاشم شاذ في المعنى، مضطرب في اللفظ، مخالف للقرآن الكريم في لفظه ومعناه، وأنه من الضلال لا من الهدى، ومن الباطل لا من الحق المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه من المنكر الذي يجب تغييره على كل من يقدر على تغييره بيده أو بلسانه أو بقلبه كما في حديث (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) () لأن حديث تحريم الزكاة على بني هاشم من أكثر الأحاديث المكذوبة تشويها لصورة الرسول صلى الله عليه وسلم لإيهامه بأن النبي صلى الله عليه وسلم مؤسس الطائفية والعنصرية والسلالية بين المسلمين، ومبارك ومؤيد تقسيم المسلمين من الرجال إلى سادة وعبيد أو أشراف وغير أشراف بسبب النسب الهاشمي وبسبب النسب لغير نسب الهاشميين، ومن النساء إلى شريفات ودنيئات بسبب الانتساب إلى النسب الهاشمي، وهو المسبب لحرمان زواج النساء من بني هاشم على غير من ينتسب إلى بني هاشم حتى ولو كانت المرأة وأولياؤها يرضون دين الخاطب وخلقه، ولكن الأولياء يمتنعون عن تزويج المرأة خوف الاستنكار عليهم من الآخرين أو خوف العار والذل الذي يلحق بمن يزوج الهاشمية من غير الهاشمي للاعتقاد السائد بأن نسب الهاشمية أعلى وأشرف من نسب غير الهاشمي، وهذا الاعتقاد سبب حرمان بعض الهاشميات من الزواج ممن يرضين دينهم وخلقهم، وهذا الحرمان منكر في حد ذاته يجب على من يقدر على تغييره بيده أو بلسانه أو بقلبه تغييره، ولا يمكن تغييره إلا ببيان حقيقة هذا الحديث المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه من أهم الروايات التي تؤسس التميز والتفاضل بين المسلمين بسبب النسب الهاشمي والنسب غير الهاشمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>