للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


كذب الرواية التي تحرم الزكاة على موالي بني هاشم
الرواية التي تحرم الزكاة على موالي بني هاشم هي من الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها تصور رسول الرحمة برسول الطائفية والعنصرية المقيتة حيث نسبت إلى رسول الرحمة والهداية والمساوة، القول (مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسهِمْ، وَإنا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ) في رواية (عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ بَعَثَ رَجلًا عَلَى الصَّدَقَةِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ اصْحَبْنِي فَإِنَّكَ تُصِيبُ مِنْهَا، قَالَ حَتَّى آتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ فَأَسأَلَهُ، فَأَتَاهُ فَسأَلَهُ، فَقَالَ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسهِمْ، وَإنا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ) () هذا القول المكذوب يصوِّر رسول الرحمة بأنه مؤسس علو وشرف ورفعة وعظمة النسب الهاشمي، وأن المراد بلفظ (الْقَوْمِ) أي بني هاشم لتعاليهم وتعاظمهم وشرفهم ورفعتهم على المسلمين الآخرين ممن لا ينتسبون إلى بني هاشم، والزكاة الموصوفة بأنها أوساخ الناس لا يليق صرفها في من ينتسب إلى بني هاشم لشرفهم العالي حتى أنها لا تحل لموالي بني هاشم لا لشرف الموالي ولكن لشرف أسيادهم من بني هاشم، ولذا جاء لفظ التحريم لبني هاشم مجموعين بضمير (نا) الدال على الجمع، وكأن الرسول صلى الله يشعر بالفخر والاعتزاز لكونه من بني هاشم ذوي النسب العالي المتميز على غيره من الأنساب بالعلو والرفعة والعظمة، مع أنه من المعلوم قطعا أن علو الرسول وشرفه ورفعته عند الله ثم عند خلقه جاءت من تميزه باصطفاء الله له لتلقي الوحي الإلهي وأنه لا تميز له ولا رفعة ولا مكانة لا عند الله ولا عند الخلق بسبب نسبه الهاشمي، لأن نسبه الهاشمي لا يتميز على نسب غيره من البشر بشيء، وأن نسب بني هاشم ونسب غيرهم سواء لاشتراك الجميع في الانتساب إلى أب واحد هو (آدم) وإلى أم واحده هي (حواء)، وهذا المعنى واضح وجلي في قوله تعالى {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} () والرواية المكذوبة تصوِّر رسول الرحمة والمساوة مؤسسا للعنصرية الهاشمية حيث قال (مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسهِمْ، وَإنا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ) وضمير الجمع في لفظ (لنا) يصوِّر الرسول داعيا لعنصرية بني هاشم على غيرهم بسبب نسبهم الهاشمي بقوله وفعله، وتصوِّره آمرا به ناهيا عن مخالفته، هذا القول من أفحش الكذب المتعمد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أخبر أمته صلى الله عليه وسلم أنه سيكذب عليه بتعمد، وبين حكم الكذب المتعمد عليه في حديث (إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْس كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ) () والعجب من القول بتحريم الزكاة على موالي بني هاشم استدلالا بهذا القول المكذوب على رسول الرحمة والمساواة في حين أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأكل من الصدقة التي تعطى لموالي أزواجه، ويقول هي صدقة على بريرة وهدية لنا في حديث (أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ بِلَحْمٍ، فَقِيلَ تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، قَالَ هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ) () الحديث دليل صريح على جواز الصدقة على موالي أزواج رسول الرحمة والمساواة والعدالة وعلى جواز أكل الرسول صلى الله عليه سلم من الصدقة التي كانت تعطى لمواليه بصفتها هدية من الموالى، الحديث صحيح متفق عليه وهو يقدم على حديث تحريم الزكاة على موالى بني هاشم من حيث الصحة، لأن القاعدة في الترجيح بين الأحاديث إذا تعارض ما في الصحيحين مع ما في غيرهما من كتب الحديث فيقدم ما في الصحيحين، ولأن الأصل حل الزكاة لبني هاشم ومواليهم لأنهم داخلون تحت عموم لفظ {النَّاسُ} في قوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} () فالزكاة هي مما في الأرض وهي مما أحلَّه الله عز وجل لمن كان مصرفا من مصارفها الثمانية من بني هاشم ومن مواليهم، ولم يحرِّمها الله عز وجل عليهم في كتابه الكريم ولم يحرِّمها عليهم رسولٌ الله صلى الله عليه وسلم في حديث (معاذ بن جبل) رضي الله عنه ولا في غيره من الأحاديث الصحيحة، وإنما حرمها عليهم المفترون على الله الكذب الذين استطاعوا دس مسرحية تحريم الزكاة في صحيح مسلم وسنن أبي داوود وسنن النسائي في غفلة وعدم انتباه من مؤلفيها لمخالفتها لنصوص ومقاصد القرآن الكريم وللأحاديث الصحيحة المطابقة لما في القرآن الكريم من حل الزكاة لمن كان مصرفا لها من جميع المسلمين في قوله تعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ().

<<  <  ج: ص:  >  >>