للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


صلى الله عليه وسلم وقد ثبت أنه كان يمر الهلال ثم الهلال ولم يوقد في بيوت الرسول صلى الله عليه وسلم نار وكان طعامهم الأسودان التمر والماء؟! بل كيف يستغرِب ويستنكِر رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه وجود حبة تمر في بيت من بيوته وهو يعلم وجود التمر في بيوته بكثرة؟!، وقد كان التمر غالب قوته وقوت أمهات المؤمنين كما في حديث (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ، ابْنَ أُخْتِي، إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثُمَّ الْهِلَالِ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ نَارٌ، فَقُلْتُ يَا خَالَةُ، مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟! قَالَتْ الْأَسوَدَانِ، التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ جيرَانٌ مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ مِنْ أَلْبَانِهِمْ فَيَسقِينَا) () وجود التمر بكثرة في بيوت الرسول صلى الله عليه وسلم بصورة دائمة ومستمرة يدل على أن الرواية مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثالث: تهويل وتعظيم تحريم أكل حبة التمر في الرواية وكأن أكلها كبيرة من كبائر الإثم التي قد ثبت تحريمها لدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأدلة قطعية كتحريم الميتة أولحم الخنزير أوشرب الدم أو الخمر أو الربويات أو غيرها من المحرَّمات القطعية حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم من شدة خوفه من الوقوع في أكل المحرم القطعي بأكل حبة التمر المسقَطة في طريقه أوالساقِطة على فراشه ليضطر إلى استخدام أسلوب القسم للتأكيد على امتناعه من أكل حبة التمر المزعومة كما في رواية صحيح مسلم بلفظ (وَاللَّهِ إِنِّي لَأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَجدُ التَّمْرَةَ ساقِطَةً عَلَى فِرَاشِي أَوْ فِي بَيْتِي فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً أَوْ مِنْ الصَّدَقَةِ فَأُلْقِيهَا) () هذا التهويل في شدة تحريم أكل حبة التمر المزعومة يدل على أن الرواية مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الرابع: يتضح من سياق روايات القصة وسباكتها اللفظية واستخدام أسلوب القسم في بعض روايات صحيح مسلم حرص الكذابين المتعمدين الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال تنوع أسلوب صياغة القصة على إثبات الاعتقاد في تحريم الصدقة على النبي صلى الله عليه وسلم ليكون التحريم على النبي الكريم مؤكِدا ومعضِدا ومقوِّيا ومرسخا الاعتقاد بتحريم الزكاة على بني هاشم لكي يثبت الاعتقاد بتميز نسب بني هاشم على أنساب غيرهم من المسلمين، وأنهم شركاء الرسول الكريم في التميز بشرف النسب الهاشمي على غيره من الأنساب البشرية الأخرى، هذا الاعتقاد يتعارض تعارضا صارخا مع قول الله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} () في الآية دلالة على أن أنساب الجميع متساوية في الانتهاء إلى أب واحد لجميع البشر هو (آدم) وأم واحدة هي (حواء) وكل بني هاشم في أيام النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم إلى يوم القيامة هم داخلون تحت عموم لفظ {النَّاسُ} في الآية، وتحت حكم الأفضلية المبين فيها في قوله تعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} فالتفاضل فيما بين بني هاشم أنفسهم وفيما بينهم وبين غيرهم من المسلمين إنما هو بتقوى الله عز وجل، وأيُّ تفاضل بين بني هاشم أنفسهم أو بينهم وبين غيرهم من المسلمين على سبب غير تقوى الله عز وجل إنما هو من اعتقاد الشيطان اللعين وعنصريته المحرَّمة المذمومة من قبل الله عز وجل في قوله تعالى {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} () فمن يعتقد في نفسه العظمة أو العلو على الآخرين بسبب نسبه فهو مؤتَم بالشيطان الرجيم في تكبره على آدم بسبب اعتقاده أنه خير من آدم لأن الله خلق آدم من طين وخلق إبليس من نار، وقد ذم الله عز وجل تعالي إبليس على آدم وتكبره عليه واستحقاره لآدم واستصغاره لشأنه بسبب عنصره الطيني، وفي الآية دلالة واضحة على أن كل متكبر على غيره بسبب نسب أو حسب أو لون أو علم أو منصب أو مكانة اجتماعية فهو مؤتَم بالشيطان في تكبره على آدم عليه السلام لأنه من الاستكبار في الأرض على الخلق بغير الحق وأن عقوبة الله عز وجل في الدنيا لكل متكبر على الآخرين بسبب نسب أو جاه أو منصب أو مال أو علم أو غيره بالصغار الذي هو الذل والهوان على الخلق وهو جزاء وفاق لتعاليه على الآخرين بغير الحق والمصغِر له في الدنيا عقابا له على تكبره على غيره هو الله عز وجل وكأنه المخاطَب من قبل الله تعالى {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} (). ومن أراد زيادة إيضاح في بيان كذب الروايات التي أسست للتشيع في (أهل بيت علي بن أبي طالب) رضي الله عنهم فليرجع إلى كتابي (البيان المقنع في إبطال حجج التشيع) ففيه مايغينه عن الرجوع إلى غيره، وإتماما للفائدة رأيت إضافة البحث العلمي الآتي:

<<  <  ج: ص:  >  >>