للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بلفظ مجهول مضارع الأفعال أي المراد من لا يصلين أحد لازمه وهو الاستعجال في الذهاب إلى بني قريظة لا حقيقة ترك الصلاة أصلا ولم يعنفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على مخالفة النهي لأنهم فهموا منه الكناية عن العجلة ولا التاركين للصلاة المؤخرين عن أول وقتها لحملهم النهي على ظاهره, قال ابن بطال: اختلفوا في صلاة الطالب على الدابة بعد اتفاقهم على جواز صلاة المطلوب راكبا فذهب الشافعي وأحمد إلى أنه لا يصلي راكبا ومالك إذا خاف فوت العدو إن نزل صلى راكبا حيث توجه وأما استدلال الوليد بقصة بني قريظة على صلاة الطالب ركبا فلو وجد في بعض طرق الحديث أن الذين صلوا في الطريق صلوا ركبانا لكان بينا ولما لم يوجد ذلك احتمل أن يقال أنه يستدل بأنه كما ساغ للذين صلوا في بني قريظة ترك الوقت وهو فرض كذلك ساغ للطالب أن يصلي في الوقت راكبا بالإيماء ويكون تركه الركوع والسجود كترك الوقت, وقال قد يقال أريد بقوله «لا يصلين» إزعاج الناس إليها لما كان أخبره جبريل أنه لم يضع السلاح بعد وأمره ببني قريظة, أقول: ليس في الحديث ما يدل على ترك الركوع ولا ما يدل على ترك الوقت فلا استدلال له فيه أصلا بل ظاهر لفظ البخاري_ حيث قال احتج الوليد بقوله لا يصلين_ مشعر بأن احتجاجه على أنه لا يصلي في الطريق راكبا خلاف ما قال الأوزاعي والله أعلم, قال شارح تراجم الأبواب: وجه استدلاله أنه لو حمل الحديث على الطائفة المصلية نزلوا وصلوا لكان ذلك مضادا للأمر ولا يظن بالصحابة رضي الله عنهم ذلك وإذا جاز للطالب الصلاة راكبا فالمطلوب أولى وصلاة الركبان مقتضية للإيماء بها فطابق الاستدلال من الحديث الترجمة, أقول: هذا معارض بأنه لو حمل على أن الطائفة الغير المصلية تركوا الركوع والسجود لكان ذلك مضادا لقوله «اركعوا واسجدوا» ولا يظن بهم ذلك, الخطابي: هذا مما يحتج به من يرى تساوي الأدلة وإن كل مجتهد مصيب وليس الأمر على ما ذهب إليه بل هو عام خص بنوع من الدليل وحاصلة أن الأمر بإقامة الصلاة في بني قريظة لا يوجب تأخيرها عن وقتها الذي أمرنا بإقامتها على عموم الأحوال فيه فكأنه قال صلوا في بني قريظة إلا أن يدرككم وقتها قبل أن تصلوا إليهم وكذلك فيما تأولت الطائفة الأخرى في تأخيرهم الصلاة عن أول وقتها فكأنه قيل لهم صلوا الصلاة في أول وقتها إلا أن يدرككم عذر فأخروها إلى آخر وقتها, النووي: لا احتجاج فيه على إصابة كل مجتهد لأنه لم يصرح بإصابة الطائفتين بل ترك تعنيفهما ولا خلاف في ترك تعنيف المجتهد وإن أخطأ إذا بذل وسعه, قال وأما اختلافهم فسببه أن الأدلة تعارضت عندهم فإن الصلاة مأمور بها في الوقت والمفهوم من «لا يصلين» المبادرة بالذهاب إليهم فأخذه بعضهم بذلك فصلوا حين خافوا فوت الوقت والآخرون بالآخر فأخروها, أقول: فهذه التوجيهات الثلاث يفرق بينها بأن

<<  <  ج: ص:  >  >>