للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَاب إِذَا زَكَّى رَجُلٌ رَجُلًا كَفَاهُ

وَقَالَ أَبُو جَمِيلَةَ وَجَدْتُ مَنْبُوذًا فَلَمَّا رَآنِي عُمَرُ قَالَ عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا كَأَنَّهُ يَتَّهِمُنِي قَالَ عَرِيفِي

ــ

خمسون مسالة أو أكثر تستنبط من هذا الحديث، قال ابن بطال: اختلفوا في تعديل النساء فقال أبو حنيفة: تعديل المرأة مقبول لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم بريرة وزينب، وقال آخرون: إنما هو إبراء من الشر، والتعديل المتنازع فيه هو فيما يوجب أخذ المال ونحوه، وفيه أن الاعتراف بما فشا من الباطل لا يحل وأن عاقبة الصبر الجميل فيه الغبطة والعزة في الدارين، وفيه أن الوحي ما كان يأتيه متى أراد لبقائه شهراً لا يوحى إليه، وفيه ترك حد النفاق لما يخشى من تفريق الكلمة كما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم حد ابن سلول وفيه أن العصبية ينقل عن الاسم كما قال وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً وفيه أن العفو عن المسيء مما يغفر الله تعالى به الذنوب (باب إذا زكي رجل رجلاً) قوله (أبو جميلة) بفتح الجيم وكسر الميم سنين بضم المهملة وبالنونين وبالتحتانية المثقلة والمخففة بينهما السلمي وقيل ميسرة ضد الميمنة ابن يعقوب الطهري بضم المهملة وفتح الهاء وقيل بسكونها وقد يفتحون الطاء مع سكون الهاء ففيه ثلاث لغات. قوله (منبوذاً) أي لقيطاً (والغوبر) تصغير الغار و (الأبؤس) الداهية أو جمع البؤس، وأصل المثل أن ناساً كانوا في غار فانهار عليهم أو أتاهم فيه عدو فقتلوهم فصار مثلاً لكل شيء يخاف أن يأتي منه شر (والعريف) والعارف كالعليم والعالم والعريف النقيب وهو دون الرئيس فإن قلت خبر عسى لابد أن يكون فعلاً مضارعاً قلت تقديره عسى الغوير يكون أبؤساً أو عسى أن يأتي الغوير بشر ونحوه. قال الشاعر:

فأبت إلى فهم وما كدت آيباً وكم مثلها فارقتها وهي تصفر

وقصته أنه وجد منبوذاً فجاء به إلى عمر فقال ما حملك على أخذ هذه النسمة فقال وجدتها ضائعة فأخذتها فقال عريفة يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح فقال كذلك؟ قال نعم قال اذهب فهو حر ولك ولاؤه وعلينا نفقته قال ابن بطال: اتهمه عمر أن يكون هو ولده أتاه به للفرص له في بيت المال، ويحتمل أن يكون ظن به أنه يريد أن يفرض له وبلى هو أمره ويأخذ ما يفرض له ويصنع ما يشاء، فلما قال له عريفه: أنه رجل صالح صدقه، قال وكان عمر قسم الناس أقساماً وجعل على كل ديوان عريفاً ينظر عليهم فكان الرجل النابذ من ديوان الذي زكاه عند عمر رضي الله تعالى عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>